المحكمة الدستورية تحسم الجدل الانتخابي: تحصين الاقتراع ومنع الترشح عن مداني الفساد

المحكمة الدستورية تحسم الجدل الانتخابي: تحصين الاقتراع ومنع الترشح عن مداني الفساد

- ‎فيسياسة, في الواجهة
114
التعليقات على المحكمة الدستورية تحسم الجدل الانتخابي: تحصين الاقتراع ومنع الترشح عن مداني الفساد مغلقة

هيئة التحرير

       حسمت المحكمة الدستورية الجدل القانوني والسياسي المحيط بالقانون التنظيمي رقم 53.25، المعدّل والمتمّم للقانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بـمجلس النواب، مؤكدة مطابقته لأحكام الدستور، ومعتبرة أن مقتضياته تندرج ضمن المسعى الدستوري الرامي إلى حماية نزاهة وصدقية العملية الانتخابية.

وأوضحت المحكمة أن التشريع الجديد، بما يتضمنه من منع ترشح المتابعين في قضايا الفساد والمال العام، ومن إجراءات زجرية مرتبطة بالتشكيك في القوانين والنتائج الانتخابية، لا يمس بجوهر الحقوق السياسية، بل يسعى إلى تحصينها من كل ما من شأنه إضعاف الثقة في المؤسسات المنتخبة.

موانع الترشح: بين المشروعية الدستورية وحماية النزاهة
أقرت المحكمة بدستورية منع الترشح في حق الأشخاص الصادر في حقهم حكم نهائي بالعزل من مسؤولية انتدابية، أو المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية، سواء كانت نافذة أو موقوفة التنفيذ، إضافة إلى المتابعين إثر ضبطهم في حالة تلبس بارتكاب جنايات أو بعض الجنح، وكذا من صدرت ضدهم أحكام ابتدائية أو استئنافية بالإدانة المترتبة عنها فقدان الأهلية الانتخابية.

واعتبرت المحكمة أن النائب البرلماني يستمد صفته من الأمة، وهو ما يفرض على المشرّع وضع شروط دقيقة تضمن سلامة التمثيل الديمقراطي، مع إخضاع هذه الشروط لرقابة المحكمة الدستورية، صيانة لمشروعية المؤسسات المنتخبة وحفاظاً على اختصاصات مجلس النواب الدستورية.

قرينة البراءة وحدودها في المجال الانتخابي
وفي تعاطيها مع مبدأ قرينة البراءة، شددت المحكمة على أنه يظل مكفولاً في المسار الزجري، غير أن أهلية الترشح للانتخابات تندرج ضمن مجال التنظيم التشريعي للحقوق السياسية. وبناءً عليه، يحق للمشرّع تحديد موانع الترشح في مواجهة فئات معينة، متى كان ذلك بهدف الوقاية من كل ما قد يثير الشك في نزاهة وشفافية الاستحقاقات الانتخابية، دون أن يشكل ذلك مساساً بضمانات المحاكمة العادلة.

تقييد ترشح بعض موظفي الدولة
وبخصوص منع ترشح عدد من فئات الموظفين، وعلى رأسهم رجال وأعوان السلطة والأطر والموظفون التابعون لوزارة الداخلية، اعتبرت المحكمة أن هذه القيود تستند إلى مبررات دستورية مشروعة، في مقدمتها ضمان تكافؤ الفرص بين المترشحين، ومنع أي تأثير محتمل على حرية اختيار الناخبين، سواء أثناء مزاولة هؤلاء لمهامهم أو خلال فترة زمنية محددة بعد انتهائها.

تسهيل مشاركة المستقلين ودعم الشباب
وفي ما يتعلق بشروط الترشيح بالنسبة للمترشحين غير المنتمين للأحزاب السياسية، أكدت المحكمة أن هذه الشروط لا تتضمن قيوداً غير متناسبة، بل تندرج في إطار متطلبات الشفافية والجدية، خاصة في ما يتعلق بالتصريح بمصادر التمويل. كما اعتبرت أن قصر عدد التوقيعات المطلوبة يساهم في تيسير ولوج المستقلين إلى المنافسة الانتخابية.
كما أقرت المحكمة بدستورية الدعم المالي المخصص للشباب دون 35 سنة، معتبرة أن اختيار الآليات الكفيلة بتشجيع مشاركتهم السياسية يدخل ضمن السلطة التقديرية للمشرّع، ما دام الهدف هو تفعيل الحقوق السياسية للشباب دون تعارض مع أحكام الدستور.

ضبط الخطاب الانتخابي ومحاصرة التشكيك
أما بخصوص المقتضيات المرتبطة بزجر التشكيك في الانتخابات، فقد أكدت المحكمة أن التنافس الانتخابي، مهما بلغت حدته، يظل خاضعاً لضوابط احترام كرامة الأشخاص وحماية الحياة الخاصة، وأن حرية التعبير خلال الحملات لا يمكن أن تتحول إلى وسيلة للمساس بصدق ونزاهة الاقتراع.
وشددت في المقابل على أن هذه التدابير لا تمس بحرية الصحافة ولا بالعمل الصحفي المهني القائم على حسن النية والتحقق من المعطيات، بقدر ما تستهدف التصدي لكل ما من شأنه تقويض الثقة في المسار الديمقراطي.

وبهذا القرار، تؤكد المحكمة الدستورية توجهاً واضحاً نحو ترسيخ قواعد انتخابية أكثر صرامة، توازن بين توسيع المشاركة السياسية وضمان نزاهة العملية الانتخابية، بما يعزز مصداقية المؤسسات التمثيلية وثقة المواطنين فيها.

You may also like

فعاليات مدنية تطالب بتحقيق الشامل للخدمات الصحية والاجتماعية للأشخاص ذوي الإعاقة

متابعة/كلامكم اعتبرت فعاليات مدنية وأكاديمية أن الأشخاص في