خاص/ ن. بازين/ تصوير: ف. الطرومبتي
تنفرد جريدة كلامكم بالكشف عن معطيات جديدة وحصرية بخصوص “مڭانة” جليز، أو الساعة الشهيرة التي كانت تُزيّن قلب حي جليز بمدينة مراكش، قبل أن تختفي في ظروف غامضة، وتتحول من معلمة حضرية مألوفة إلى لغز ثقافي وسياسي ظلّ مطروحاً لسنوات دون جواب شافٍ.
مصادر متطابقة أفادت لـ“كلامكم” أن المڭانة توجد حالياً بدولة سويسرا، حيث خضعت لإصلاحات تقنية دقيقة، في أفق إعادتها إلى مراكش بعد استكمال كافة الترتيبات اللوجستيكية والتقنية المرتبطة بإعادة تثبيتها.
ووفق المعطيات نفسها، فإن هذه العملية جاءت بعد سنوات من الغموض، وسجال واسع في الأوساط المحلية حول مصير هذه الساعة التي كانت تشكل جزءاً من الذاكرة الجماعية للمدينة.

اللافت في هذا الملف، حسب ما حصلت عليه الجريدة، أن المڭانة لم تختفِ مباشرة بعد نزعها، بل تم إخفاؤها لفترة داخل منزل أحد المنتخبين المنتمين لحزب سياسي وطني، ممن سبق لهم تسيير المجلس الجماعي لمراكش في مرحلة سابقة. معطى ظلّ، لسنوات، حبيس الكواليس، ولم يتم توضيحه للرأي العام، رغم حساسية الموضوع ورمزيته.

الساعة، التي كانت تزين ساحة جليز وتشكل نقطة التقاء ومرجعاً زمنياً لساكنة الحي وزواره، اختفت دون بلاغ رسمي واضح، ودون تحديد للمسؤوليات، ما فتح الباب أمام التأويلات والشائعات، وزاد من منسوب الغضب لدى فئات واسعة من المراكشيين، الذين اعتبروا الأمر مسّاً بتراث المدينة وذاكرتها الحضرية.
وأمام هذا الصمت، بادر عدد من الغيورين على المدينة إلى تأسيس إطار مدني أطلقوا عليه اسم جمعية أصدقاء المڭانة، في محاولة للضغط من أجل كشف حقيقة اختفاء الساعة، والمطالبة بإرجاعها إلى مكانها الطبيعي. غير أن هذه المبادرات، ورغم رمزيتها، لم تنجح في كسر جدار الصمت الرسمي، ولا في تسريع عودة المڭانة إلى جليز.

اليوم، ومع الحديث عن قرب عودة الساعة بعد إصلاحها بسويسرا، تطرح أسئلة جوهرية نفسها بإلحاح: لماذا طال هذا الملف كل هذه السنوات؟ ولماذا لم يتم إشراك الرأي العام في حقيقة ما جرى؟ ومن يتحمل مسؤولية تغييب معلمة حضرية بهذا الحجم عن فضائها الطبيعي؟
عودة المڭانة، إن تمت فعلاً، لن تكون مجرد إعادة تركيب ساعة، بل اختباراً حقيقياً لمدى احترام الذاكرة الجماعية، ولقدرة المؤسسات المنتخبة والسلطات المعنية على المصالحة مع تاريخ المدينة وحق ساكنتها في معرفة الحقيقة كاملة، دون تجزئة أو تبرير.

ويبقى الأهم: هل تعود مڭانة جليز كما كانت، رمزاً للوقت والمدينة، أم تعود محمّلة بأسئلة أكبر من عقاربها، تنتظر من يملك الجرأة للإجابة عنها؟
كلامكم تتابع الملف… وللحديث بقية.