المحطة الطرقية باب دكالة تُغلق… والعمال يُتركون في مهبّ المجهول

المحطة الطرقية باب دكالة تُغلق… والعمال يُتركون في مهبّ المجهول

- ‎فيفي الواجهة, مجتمع
2902
0

نورالدين بازين

أثار قرار نقل المحطة الطرقية من باب دكالة إلى منطقة العزوزية موجة قلق عميق في أوساط العاملين بالمحطة، بعدما تحوّل مشروع يُفترض أنه يدخل في إطار إعادة تنظيم النقل الحضري إلى معضلة اجتماعية صامتة، عنوانها الأبرز: مصير العمال.

فالحديث هنا لا يقتصر على بناية إسمنتية أو فضاء للنقل، بل عن مئات الأسر التي ارتبط دخلها اليومي بالمحطة الطرقية لباب دكالة لعقود. معطيات متداولة تشير إلى وجود حوالي 50 مستخدماً رسمياً تابعين للشركة المسيرة للمحطة، إضافة إلى أزيد من 300 مستخدم غير رسمي، يشتغلون في مهن مرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر بالمرفق، من حمالين وباعة صغار وعمال نظافة ووسطاء خدمات.

المثير للقلق أن قرار النقل، رغم أهميته من حيث الرؤية الحضرية وتخفيف الضغط عن وسط المدينة، لم يواكبه أي نقاش علني أو إجراءات واضحة تضمن الحقوق الاجتماعية والاقتصادية لهؤلاء العمال. لا بلاغ يوضح مصيرهم، ولا خطة انتقالية تراعي أوضاعهم، ولا التزام رسمي بإعادة إدماجهم في المحطة الجديدة أو تعويضهم عن فقدان مورد رزقهم.

العمال الرسميون، رغم توفرهم على عقود شغل، يعيشون بدورهم على وقع الغموض، في ظل غياب توضيحات حول ما إذا كان سيدمجون تلقائياً في المحطة الجديدة بالعزوزية، أم ستعيد النظر في عقودهم بدعوى إعادة الهيكلة وتىكهم للمجهول.

أما المستخدمون غير الرسميين، وهم الفئة الأكبر عدداً والأكثر هشاشة، فيبدون وكأنهم خارج كل الحسابات، رغم أنهم يشكلون العمود الفقري للخدمات اليومية التي كانت تقدمها المحطة.

ويطرح هذا الوضع أكثر من علامة استفهام حول المقاربة الاجتماعية التي رافقت هذا القرار. فكيف يمكن الحديث عن تنمية حضرية مستدامة دون إدماج البعد الاجتماعي؟ وكيف يُعقل أن يتم نقل مرفق حيوي بهذا الحجم دون تصور واضح لحماية مئات العمال من البطالة المفاجئة؟ أليس من واجب السلطات المحلية والجماعة الترابية والقطاعات الوصية أن تواكب مثل هذه التحولات بحلول عملية تحفظ كرامة العاملين؟

إن ما يقع اليوم بباب دكالة يكشف خللاً بنيوياً في طريقة تدبير المشاريع الكبرى، حيث يُقدَّم الحجر أحياناً على البشر، وتُختزل التنمية في البنيات التحتية، دون الالتفات إلى الكلفة الاجتماعية المترتبة عنها. فالعامل الذي فقد عمله لن تعنيه حداثة المحطة الجديدة ولا موقعها، بقدر ما تعنيه لقمة العيش واستمرارية الدخل.

أمام هذا الوضع، تتعالى أصوات تطالب بفتح حوار استعجالي مع ممثلي العمال، ووضع تصور واضح لإعادة إدماج المستخدمين الرسميين، وإيجاد صيغ قانونية واجتماعية منصفة لحماية المستخدمين غير الرسميين، سواء عبر إدماجهم في المحطة الجديدة أو تمكينهم من بدائل حقيقية.

فإما أن يكون نقل المحطة خطوة نحو تنظيم أفضل للنقل وتحسين صورة المدينة، أو يتحول إلى جرح اجتماعي جديد يُضاف إلى قائمة القرارات التي تُتخذ دون إنصات كافٍ لنبض الشارع. وفي الحالتين، يبقى السؤال الجوهري معلقاً: من يتحمّل مسؤولية مصير أزيد من 350 عاملاً وجدوا أنفسهم فجأة خارج المحطة… وخارج الحسابات؟

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

You may also like

إقصاء غير مفهوم للموظفين من إجازات التميز بكلية الحقوق بمراكش يثير الجدل

محمد خالد أثار تدبير إجازات التميز بكلية كلية