عندما تتأهل الممالك إلى نصف نهائي كأس العرب… هل تعكس الكرة استقرار الأنظمة؟

عندما تتأهل الممالك إلى نصف نهائي كأس العرب… هل تعكس الكرة استقرار الأنظمة؟

- ‎فيرأي, رياضة, في الواجهة
2111
التعليقات على عندما تتأهل الممالك إلى نصف نهائي كأس العرب… هل تعكس الكرة استقرار الأنظمة؟ مغلقة

نورالدين بازين

أسفرت منافسات كأس العرب عن مشهد لافت، تمثل في تأهل أربع منتخبات تنتمي جميعها إلى أنظمة ملكية عربية إلى دور نصف النهائي، ويتعلق الأمر بكل من المملكة المغربية، والمملكة العربية السعودية، والمملكة الأردنية الهاشمية، ودولة الإمارات العربية المتحدة. مشهد رياضي بسيط في ظاهره، لكنه يفتح الباب أمام قراءات أعمق تتجاوز المستطيل الأخضر نحو دلالات سياسية واجتماعية واقتصادية.

فكرة الربط بين كرة القدم واستقرار الدول ليست جديدة، إذ غالباً ما يُنظر إلى الرياضة باعتبارها مرآة تعكس مستوى التنظيم، الاستثمار، والاستقرار المؤسساتي داخل الدول. فالمنتخبات القوية لا تُبنى فقط بالموهبة، بل بمنظومة متكاملة تشمل التخطيط طويل الأمد، الاستمرارية في السياسات الرياضية، والاستثمار في البنية التحتية والتكوين.

في هذا السياق، يُسجَّل أن الممالك الأربع التي بلغت المربع الذهبي تعيش، بدرجات متفاوتة، نوعاً من الاستقرار السياسي والمؤسساتي، مكّنها من تنفيذ استراتيجيات رياضية واضحة. ففي المغرب، تَمثّل هذا الاستقرار في ورش إصلاح رياضي ممتد، تُرجم إلى أكاديميات تكوين وبنيات تحتية حديثة. أما السعودية، فقد راهنت في السنوات الأخيرة على جعل الرياضة جزءاً من رؤية شاملة للتنمية، مستثمرة في المنتخبات والدوريات المحلية. الأردن، رغم محدودية الإمكانات، اعتمد سياسة تراكمية قائمة على الانضباط والاستمرارية، فيما وضعت الإمارات الرياضة ضمن أولوياتها التنموية منذ سنوات.

غير أن هذا المعطى لا يمكن فصله عن عامل الحوكمة، إذ تتيح الأنظمة الملكية، في كثير من الأحيان، استقراراً في القرار العمومي واستمرارية في التوجهات الكبرى، وهو ما ينعكس إيجاباً على القطاعات التي تحتاج إلى نفس طويل، ومنها الرياضة. فالسياسات المتذبذبة والتغييرات المفاجئة غالباً ما تعيق بناء منتخبات تنافسية.

مع ذلك، يبقى من الضروري الحذر من السقوط في التعميم أو الحتمية السياسية، إذ لا يعني هذا التفوق الرياضي بالضرورة تفوقاً سياسياً أو ديمقراطياً، كما لا يعني غياب الاستقرار في دول أخرى عجزها الدائم عن تحقيق إنجازات رياضية. كرة القدم، في النهاية، لعبة احتمالات، تتأثر بعوامل ظرفية مثل الجيل الذهبي، القرارات التقنية، والحظ.

لكن المؤكد أن ما حدث في كأس العرب يسلّط الضوء على علاقة معقدة بين الاستقرار، التخطيط، والاستثمار، ويعيد طرح سؤال أعمق: هل يمكن للرياضة أن تكون مؤشراً جزئياً على جودة التدبير العمومي؟ أم أنها مجرد لحظة رياضية عابرة تُحمَّل أكثر مما تحتمل؟

في كل الحالات، يبقى تأهل هذه المنتخبات مناسبة للاحتفاء بالإنجاز الرياضي، ولفتح نقاش هادئ حول دور الاستقرار والمؤسسات في صناعة النجاح، داخل الملاعب وخارجها.

You may also like

جدل في تطوان بعد انتشار صور لكتب مهملة… وبرلمانية تُطالب بكشف مصير أرشيف مكتبة المدينة

نهيلة عصمان(صحفية متدربة ) أثار انتشار صور تُظهر