مخطط المغرب الأخضر والجيل الأخضر- بين طموح التنمية وتحديات الاستدامة المائية

مخطط المغرب الأخضر والجيل الأخضر- بين طموح التنمية وتحديات الاستدامة المائية

- ‎فيالمغرب الفلاحي, في الواجهة
84
التعليقات على مخطط المغرب الأخضر والجيل الأخضر- بين طموح التنمية وتحديات الاستدامة المائية مغلقة

نهيلة عصمان( صحفية متدربة)

أكد تقرير صادر عن المركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة أن الاستراتيجيات الفلاحية المعتمدة في المغرب، خصوصاً مخطط “المغرب الأخضر” وخلفه “الجيل الأخضر”، حققت مكاسب اقتصادية مهمة على مستوى الصادرات وجذب الاستثمارات، غير أنها خلفت آثاراً بيئية واجتماعية مثيرة للقلق، خاصة فيما يتعلق باستنزاف الموارد المائية وتعميق الفوارق بين الفلاحين.

وأوضح التقرير أن البرامج الحكومية ركّزت على الزراعات التصديرية كثقافة البطيخ الأحمر والأفوكادو، وهو ما ساهم في الضغط الكبير على المياه الجوفية، في ظل غياب فعلي لمقاربة استدامة حقيقية أو ترشيد ناجع للموارد. كما انتقدت الدراسة اختلالات في توزيع الدعم العمومي، خاصة في ما يتعلق ببرامج السقي الموضعي، التي استنزفت الموارد المالية دون أن تحقق الأهداف المأمولة.

وأبرز التقرير أن الفلاحة العصرية استفادت بشكل واسع من الإعانات، على حساب الفلاحين الصغار والمناطق البورية التي تعاني من الهشاشة المناخية والاقتصادية، ما أدى إلى تفاقم التفاوتات الاجتماعية والمجالية، وزيادة تبعية السوق المغربية للخارج في عدد من المنتجات الغذائية الأساسية.
أفاد التقرير أن مخطط “الجيل الأخضر 2020-2030” لم ينجح في إحداث تحول جذري في النموذج الفلاحي المعتمد، إذ واصلت التحديات البنيوية نفسها في الظهور، وعلى رأسها ضعف وتيرة التنفيذ، واستمرار هيمنة كبار الفلاحين على الدعم العمومي والفرص الاستثمارية، في مقابل محدودية استفادة الفلاحين الصغار.

وأشار التقرير إلى أن التحدي المائي لا يزال يشكل العقبة الأكبر أمام استدامة السياسات الفلاحية، في ظل الضغط المتزايد على الموارد المائية، خاصة في ظل الزراعات المستنزفة، مؤكداً أن الأمن الغذائي الوطني ما يزال مهدداً بفعل التبعية المتنامية للخارج في عدد من المحاصيل الأساسية، ما يعكس محدودية السيادة الغذائية للمغرب.

وأضاف التقرير أن بيانات الأمن الغذائي تكشف اعتماد المغرب الكبير على الاستيراد لتغطية حاجياته من الحبوب، حيث تتجاوز الواردات أحياناً حجم الإنتاج المحلي، مما يعرض البلاد لتقلبات الأسواق العالمية ويهدد الأمن الغذائي الوطني.

وأكد التقرير أن الإجهاد المائي أصبح التحدي الوجودي للسياسات الفلاحية، وأن التوسع في الزراعات الموجهة للتصدير ذات الاستهلاك المرتفع للمياه فاقم هذه الأزمة، مع استنزاف الفرشات الباطنية في مناطق مثل سوس–ماسة وزاكورة والحوز، وتضاعف أثر ذلك بسبب التغير المناخي وارتفاع درجات الحرارة وتوالي سنوات الجفاف.

ولفت التقرير إلى التناقض الأبرز في السياسة الفلاحية المغربية، المتمثل في تصدير كميات هائلة من “المياه الافتراضية” عبر المنتجات الفلاحية، في وقت يعاني فيه المغرب من شح مائي شديد، خاصة في الزراعات المستهلكة للماء منذ عام 2008. وأوضح التقرير أن الأفوكادو يستهلك نحو 8000 متر مكعب من الماء للهكتار سنوياً، بما يعادل نحو 1000 لتر لإنتاج كيلوغرام واحد، بينما يحتاج البطيخ الأحمر (الدلاح) إلى 3800-4300 متر مكعب للهكتار سنوياً، وتتركز زراعته في مناطق تعاني إجهاداً مائياً شديداً كزاكورة.

وأشار التقرير كذلك إلى أن العدالة الاجتماعية والمجالية والحكامة تضررت بفعل تركيز الاستثمارات الفلاحية في مناطق محددة ذات إمكانيات مالية وبنية تحتية متطورة، مما أدى إلى تهميش المناطق القروية الهشة المعتمدة على الزراعة البورية. كما أشار إلى النتائج الوخيمة لاستنزاف الفرشة المائية، إذ تعاني الساكنة القروية من ندرة مياه الشرب وتعميق الفقر، ما أدى إلى هجرة قسرية نحو المدن ويهدد قدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها.

وأوصى التقرير بتبني مقاربة جديدة ترتكز على سيادة الموارد المائية قبل التركيز على التصدير، مع إعطاء الأولوية للأمن الغذائي الداخلي، عبر إعادة توجيه الدعم نحو الزراعات التي تضمن الاكتفاء الذاتي مثل الحبوب والبقوليات، وتقليل الاعتماد على الاستيراد. وشدد على ضرورة إصلاح الحكامة المالية بربط الدعم الفلاحي بترشيد المياه، وتقييد الزراعات المفرطة الاستهلاك للماء، وتشجيع الزراعات الذكية.

واختتم التقرير بتقديم توصيات شاملة لإصلاح السياسات الفلاحية والمائية، تضمنت تقليص إعانات الدولة في مجالات السقي والتشجير، توجيه الدعم نحو الزراعات المعيشية كأساس للأمن الغذائي، ترشيد استهلاك المياه باستخدام تقنيات حديثة، إعادة تقييم دراسات الجدوى لبعض الزراعات، دعم التعاونيات والتنمية المحلية، إعادة تقييم المراعي والماشية، وتعزيز التنسيق الحكومي لضمان استدامة القطاع.

You may also like

فيديو. قائد قيادة حربيل يشن حملة واسعة لمحاربة البناء العشوائي

طارق أعراب باشرت السلطات المحلية بقيادة حربيل، ضواحي