طارق أعراب
خلّف حادث انهيار بنايتين سكنيتين بحي المستقبل، التابع للمنطقة الحضرية المسيرة بمدينة فاس، ليلة الثلاثاء – الأربعاء 9 و10 دجنبر 2025، صدمة كبيرة لدى سكان الحي والرأي العام الوطني، بعدما أعلنت السلطات المحلية بعمالة فاس عن ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 22 حالة وفاة، إضافة إلى 16 مصابًا بجروح متفاوتة الخطورة، عقب انتهاء عمليات البحث وإزاحة الأنقاض.
المعطيات الأولية تفيد بأن البنايتين المشمولتين بالانهيار تعودان إلى سنة 2006، حيث شُيدتا ضمن عمليات البناء الذاتي لفائدة قاطني دوار عين السمن، في إطار برنامج “فاس بدون صفيح” الذي كان يهدف إلى تحسين ظروف السكن، قبل أن تتحول هذه المساكن إلى مصدر مأساة غير متوقعة.
وفي ظل هول الحادث، باشرت السلطات القضائية تحقيقًا شاملاً تحت إشراف النيابة العامة المختصة، موازاة مع فتح تحقيقات إدارية وخبرة تقنية عهد بها إلى مكتب دراسات متخصص، من أجل تجميع كل المعطيات المرتبطة بالواقعة.
التحقيقات، وفق مصادر مسؤولة، ستنظر في الأسباب التقنية المحتملة وراء الانهيار، بما في ذلك متانة البناء، جودة المواد، احترام الضوابط، مرور الزمن، وحالة الأساسات، إضافة إلى التدقيق في المساطر الإدارية التي رافقت تشييد البنايتين سنة 2006، ومدى الالتزام بالقوانين المعمول بها في مجال التعمير والبناء.
هذا المسار من التحريات يهدف إلى تحديد المسؤوليات بدقة، سواء كانت تقنية أو إدارية، وتوضيح أي اختلالات قد تكون ساهمت في وقوع هذه الفاجعة، وذلك في أفق ضمان عدم تكرار حوادث مماثلة، وتعزيز شروط السلامة في المباني التي شُيدت في إطار برامج إعادة الإيواء.
وتبقى فاس اليوم أمام واحدة من أكثر المحطات حزناً في تاريخ مشاريعها السكنية، في انتظار ما ستسفر عنه التقارير التقنية والقضائية من خلاصات تضع النقاط على الحروف وتحدد المسؤوليات، بما يعيد الثقة في مساطر السكن اللائق ويضمن سلامة المواطنين قبل كل شيء.