شرائح الدروس الرقمية بيــن بريـق التميـز وظـلال التعثـر

شرائح الدروس الرقمية بيــن بريـق التميـز وظـلال التعثـر

- ‎فيرأي
1127
0

ذ.ابـريـك أمــزون (*) 

clin d’oeil طــرفــة عـيـن
في عصر التحول الرقمي، وفي زمن تتسارع فيه خطى المعرفة الإنسانية ، وتتشابك فيـــــــه دروب التقــانـة ، يقف التعليم على عتبة تحول جديد، يفتح الآفاق ويغير المساق ، وبين يدي المدرس شاشة عرض وسبورتان جانبيتان ذو لون أبيض ،ومؤشر ومسلاط وفأرة وحاسوب ؛ فيه يتم تحميل تطبيق يمكن عبره الوصول الى الدروس وتنزيل الملفات عبرالــويــب ، ملفات تشرق كالحَرف حين يُـتْـقِـنه العارفُ الحذِق ؛ إنّها شرائح الدروس الرقمية للتعليم الصريح المعتمدة بمــدارس الريــادة التي قد تكون جِـسرا للارتقاء، أو سبـبا للانطفــــــاء. وبين التميـــز والتعثـــر مسافـــة لا يقطعها إلا حُــسن التوظيف وجـوْدة الإخراج ، ونُــبْــل المقصَــد التربوي الواضح .
الأستاذ(ة) يتأرجح بين حكمة أثـقـلـتها التجربة ، وتقنيات تلح عليه بالتحديث ، والمتعلــــــم (ة) تائه بين وفــــــرة من  الموارد ونُـدْرة في التوجيه  وهنا ينهض سؤال المفارقــــــة ؛ ســـــــؤال يُـلِـح كجرس تربوي: هل نحن نُحْــســـــــن قيادة التحـول البيداغوجي في زمن التحـول الرقمــي  لنبلغ بــــــه ذرى التميز ، أم أننا ننقاد خلف موجات التحول الرقمـي حتى نتعثر في بيداغوجيا  تلْمَع ظاهرا وتتصدّع باطنا ؟وبين هذا السؤال وسعي حثيث للتأمل؛ وبإجابة من ميدان الممارسة البيداغوجية تنكشف الحاجة إلى بيداغوجيا متجددة  لا تغريها الزينة الرقمية  ، ولا تقعـــدها رهبـــة التغيير، بيداغوجيـــا  تهذّب الأداة بالغاية ، وتستأنس بالتقنية دون أن تستسلم لها ،لتعيد ترتيب المعرفة وصياغة التعلــــــــم بوصفه نـــــــورا ، لا بـــــــرقا يخطـــــــف الأبصــــار دون أثــــــــــــــر !
حيـن تتحـول الشاشـة إلى معلـم … هنــا يبـــدأ السـؤال ؟
أصبحت الوسائط الرقمية اليوم جزءا لا يتجزأ من المشهد التربوي ، حيث لم تعد الأقسام الدراسية تعتمد على الوسائل التقليدية فحسب؛ بل باتت تستثمر أدوات تعليمية جديدة يأتي في مقدمتها شرائح الدروس الرقمية ،التي أصبحت جزءا من يوميات القسم في المدرسة الابتدائية ” الرائدة” . هذا التحول ؛ الذي يرمي إلى إدخال الإصلاح – من منظور صانع القرار- إلى الفصول الدراسية بعدما كانت تقف كل الإصلاحات على أبواب الأقسام ،تحول فتح آفاقا واسعة لتحسين جودة التعليم ، لكنه في المقابل تكشف الممارسة في الميدان عن تحديات تجعل من الشرائح الرقمية أداة مزدوجة الوجه : إما رافعة للتميز أو سببا للتعثر !وهكذا نمشي فوق خط رفيع نطلب التميز من التكنولوجيا ،ونتعثر حين نغفل أن الإنسان -المتعلم- هو الخيط الأول في نسيج اسلاك التعلم . ومع كل قفزة رقمية ، تزداد الأسئلة ثقلا على الممارسين البيداغوجيين لتعميق النظر بين الفاعلين التربويين واستثارة المهتمين والباحثين في الموضوع :

<span;><span;>- كيف تعيد الشرائح الرقمية تشكيل التعلم داخل الفصول في المدرسة الابتدائية؟

<span;><span;>- ماهي المعايير التي تجعل شرائح الدروس الرقمية فعالة تعليميا وتعلميا ؟

<span;><span;>- هل تعزز شرائح الدروس الرقمية الحالية جودة التعلمات أم أنها تضع المتعلم في مواجهة ازدحام بصري ومعرفي ؟

– إلى أي حد توازن الممارسات الحالية بين البعد الرقمي والبعد التفاعلي المباشر ؟
– كيف بمكن صياغة “شريحة تربوية” تراعي الخصائص التمائية لأطفال المدرسة الابتدائية ؟

<span;><span;>- ما الضوابط البيداغوجية التي يجب وضعها ومراعاتها لتفادي تعثر المتعلمين بسبب العرض الرقمي ؟

<span;><span;>- ماهو مستقبل المنهاج التربوي في ظل التطور المتسارع للأدوات التفاعلية ؟

في هذا المقال ، بين السؤال والجواب ، وبين التميز والتعثر تبدأ الحكاية ! حكاية مشهد بيداغوجي يحمل أدوات جديدة ؛ تغير تجربة الممارس البيداغوجي مع التدخلات الصفية كما تغير تجربة الطفل المتعلم مع المعرفة. وبنن هذا وذاك يتحرك الأستاذ(ة)  والمفتش والمدير كل من موقعه ، في محاولة لإرساء ممارسة جديدة تعيد الاعتبار لجودة التعلمات داخل الأقسام .
نماذج مضيئة من الميدان … حين ترتقي شرائح الدروس بالتعلمات
أثبتت التجربة الميدانية أن شرائح الدروس الرقمية كجزء من النسق البيداغوجي داخل الأقسام قادرة على إحداث فرق ملموس في مستويات القراءة والفهم شريطة أن تبنى وفق مبادئ التصميم البيداغوجي البسيط والوظيفي .
ففي درس اللغة العربية مثلا، اعتمد أستاذ(ة) المستوى السادس خريطة ذهنية رقمية قريبة من عقول الأطفال لتفكيك نص حكائي سردي، لم يجنح الى الزخرفة ولا إلى تكديس المعلومات، بل ركزعلى الفكرة المركزية وفروعها ، مما ساعد المتعلمين على إعادة الـــســرد بثقة وفهم وتفاعل أفضل .
وفي اللغة الفرنسية ، أظهردمج الصوت بالصورة أثرا واحدا على اكتساب المفردات وتحسين النطق، خاصة حين يرتبط ما يسمعه المتعلم بما يراه فورا.
أما في الرياضيات فقد أعانت الشرائح “المصمّمة” وفق خطوات واضحة المتعلمين على تتبع العمليات الحسابية دون ارتباك ، فالنهج البصري يسهل الفهم المنطقي إذ لم تعد المسائل غامضة في ذهن الأطفال حين تُقسّم أمامهم إلى مسارات تمثيلية مرئية دقيقة .
على الجانب الآخر… حين تغدو شرائح الدروس سببا للتعثر
رغم مزاياها الواردة في الفقرة أعلاه ،بكثير من الإيجاز الدال، تكشف الممارسات البيداغوجية اليومية أن شرائح الدروس قد تتحول-إ ذا أسيء توظيفها – إلى عائق يحجب الفهم ويشتت الانتباه. وجه آخر لشرائح الدروس لا يقل حضورا في الواقع ؛ بدلا من أن تكون مدخلا للفهم والاستيعاب ،تتحول إلى مصدر تعثر يغلق نوافذ التعلم .
ويحدث هذا حين تتكدس حصص بدون معالم منهجية ، وفراغــات أجوبــة لا تتناسب مع السؤال ، ومعلــومات مجتـزأة وبــدون معنـى داخـل شريحـة واحـدة في دروس اللغـة العربية . أو حين تُحمّل شرائح دروس اللغة الفرنسيــة بصور جميلة وزخـرفة زائـدة ؛ لــكن بدون وظيفة تعليمية. أو عندما تُغرق شرائح دروس الرياضيات بالألوان والانتقالات البصرية التي تفتقِـد إلى التوازن بين الجاذبيــــة والبساطة التعليمية و ُشتّت أكثر مما تُوضّــح !
في مثل هذه الحالات ، تصبح شرائح الدروس الرقمية عبئا إدراكيا يرهق الأطفال المتعلمين بدل أن يساندهم ، وتفقد وظيفتها الديداكتيكية لصالح جاذبية شكلية لا تنتمي إلى عمق التعليم ولا إلى جوهر التعلـــم.
بين التميـــز والتعثـــر… أيـــن يقــف الأستـــاذ(ة) ؟
مع التحول المتسارع لتنزيل المدرسة الرائدة أصبحت شرائح الدروس الرقمية أهم أدوات التدريس داخل الأقسام لكن بن من يبدع في تصميمها ومن يتعثر في استخدامها وتوظيفها . وبتوضيح أدق ، الأستاذ(ة) في السياق المغربي الحالي لا يختار ولا يصمم بل هو ملـزم بتوظيف واستعمال الشرائح الرقمية الجاهزة والمُِِعدّة مسبقا من طرف فرق عمل مركزية وهذا يغير زاوية النقاش ويسمح بهذا السؤال العريض : أيــن يقــف الأستــــاذ(ة) اليوم؟
إن الاعتماد الإلزامي لشرائح الدروس الرقمية في سياق التحول البيداغوجي للمدرسة المغربية أفرز وضعية مركبة يتحدد فيها دور الأستاذ بوصفه مستعملا للمورد الرقمي لا مصمّما له ولا مختارا لمحتواه . فحين تفرض الشرائح الجاهزة كوسيلة وحيدة لتقديم الدرس ، تنتقل مسؤولية جودة المحتوى من الأستاذ إلى الجهة المنتجة ، بينما يظل المجال البيداغوجي مفتوحا أمام المدرس في مايتعلق بتفعيل التفاعل ، وتوجيه الحوار ، وإتقــان النمذجة  والممارسة الموجَّهَة، ومعالجة الفروق الفردية التي لا تستجيب لها الموارد الموحدة . وهكذا يصبح التميز رهينا بكفاءة الأستاذ أي قدرته على تحويل مورد مفروض ألى خبرة تعلمية ذات معنـــى . فيما يرتبط التعثر بحدود الموارد الرقمية المعيارية وضعف قابليها للتكييف مع حاجيات السياقات الصفية المختلفة .ويؤدي هذا إلى تحويل الدرس إل عملية ميكانيكية تضعف الفهم والتفاعل الصفي وتحد من المبادرة لدى الأستاذ(ة) والمتعلم(ة) معـــــا .
إن شرائح الدروس الرقمية من منظورنا كممارس بييداغوجي ؛ ليست غاية في حد ذاتها ،بل أداة . وتكمن فعاليتها في مدى نجاح مصمِّمِها في اختيار محتواها من حيث جودة الإخراج والتنظيم ، والكم والكيف ، واللون والخط ، والمراجعة والتصحيح قبل النشــر، وتسمح بتكرار النمذجة وتوسيع التعلمات دون إرباك التدريس المباشر ، وتوفر وُجوبًا دعم التعلم الذاتي بما هو إمكانية الرجوع إلى المحتوى بعد انتهاء الحصة لمساعدة المتعلم على المراجعة والاستدراك وإعادة بناء التعلمات وفق وثيرته الخاصة .
لذا يبدو مفيدا في هذا السياق؛ أن التميز هو المرغوب ولن يتحقق ذلك إلا بتبسيط تصميمها وتخفيف حمولتها المعرفية والمنهجية ، وإدماجها ضمن سيناريو بيداغوجي قائم على التفاعل والتدرج وبناء المعرفة بشكل مشترك ، والتوظيف في لحظات بيداغوجية مناسبة . كل ذلك من أجل تحسين التعلمات ورفع منسوب الاستيعاب والتحفيز .أما ضعف التصميم ،والإغراق في الألوان والصور، والانتقال المزعج بين محطات الإعداد المنهجي، والاستعمال العشوائي وسوء التوظيف فيحولها إلى أداة تعثر تقطع التواصل بدل أن تبنيه .
المفتش(ة) المواكب …من الإرشاد إلى البناء المشترك
في إطار مدارس الريادة التي تعتمد موارد رقمية موحدة وشرائح دروس جاهزة لا يتدخل المفتش (ة) المواكب في تصميمها ، يصبح دوره مركًّزا على تجويد الاستعمال بدل التّحكّم في المحتوى . فهو يقف في المستوى الذي يربط بين الممارسة الصفية والخيارات البيداغوجية المعتمدة عبر ثلاثة أدوار رئيسة : تقويم الاستعمال (توظيف الشرائح، ملاءمتها لسيرورة التعلم، تفاعل المتعلمين معها)، ونقل التغذية الراجعة (جمع ملاحظات الممارسين ،رصد تجربة المتعلمين مع الموارد ، نقل طلب تعديل المحتوى وتحسينه )، ودعم المُمارسة الصفية (تكييف الإيقاع ، تفعيل التفاعل الصفي ، تَبْيِئة محتوى الشرائح ).
يظهر جليا أن المفتش(ة) التربوي لا يقف خارج المنظومة رغم أنه لا يصمم الشرائح ولا يختارها ، بل يقف في موقع الضامن لجودة توظيف شرائح الدروس الرقمية، وبذلك يبقى عنصرا فاعلا وسيطا بين السياسات المركزية والممارسات الميدانية …
إلا أن واقع المواكبة يبرز عددا من الإشكالات أهمها أن المفتش(ة) أمام مضامين وشرائح لا يشارك في إعدادها ولا اختيارها ، تماما مثل المدرس ، اذ يصبح كلاهما متلقيا لمنتج جاهز، له ما له وعليه ماعليه ، فلا المفتش(ة) يستطيع تعديل الشرائح بما يخدم التنوع التربوي ، ولا الأستاذ(ة) قادر على تكييفها بمرونة . هذا الوضع يفقدهما جزءا من سلطة الخبرة التي يفترض أن يُوَجّه بها العمل التربوي ، وإلى جانب ذلك يطرح هذا الوضع سؤال الجدوى بما يهدد فصل المفتش التربوي عن جوهر وظيفته : الاستقلالية الوظيفية والإشراف التربوي المبني على الخبرة ، ومساءلة المنهاج بما يكفي من التّعمق والتّدقيق ، والتّطوير القائم على المساهمة والمشاركة في البناء البيداغوجي . وهنا تبرز أسئلة جوهرية من قبيل : كيف نضمن توظيفا واعيا ومرنا لهذه الشرائح داخل الفصول ؟  وكيف يمكن للمفتش(ة) المواكب أن يحول الوساطة الميدانية بين المركز والقسم الى تطوير ملموس لشرائح الدروس الرقمية ؟ ما السبل والآليا ت الكفيلة بهيكلة المقترحات وضمان وصولها وتحويلها إلى تحسينات وجودة المنتوج البيداغوجي ؟
مدير (ة) المؤسسة … مسؤولية القيادة ومواكبة التحول الرقمي
في المدرسة الرائدة يلعب المدير(ة) دورا محوريا في ضمان الانسجام بين التوجيهات الوطنية والممارسات الصفية اليومية .ورغم أن شرائح الدروس تعد مركزيا ولا يختارها المدرسون فإن المدير (ة) يحرص على توفيــــر الظروف التنظيمية واللوجستية التي تمكن من استعمالها بفعالية كالسبورات الجانبية والمسلاط والحاسوب والمُؤشّر ولوائح المتعلمين والجدولة الزمنية .
ويتكامل دور المدير(ة) مع المفتش التربوي حيث يعمل على تتبع التنفيذ الفعلي داخل المؤسسة وجمع الملاحظات “الشكايات” التي يدلي بها المدرسون والمتعلمون ، إذ يعد المدير(ة) نقطة تجميع أساسية ويرفعها بشكل منهجي الى المفتش(ة) والمصالح الإدارية مما يجعل المؤسسة فضاء لإنتاج معطيات ميدانية دقيقة تساعد على تحسين الشرائح وتطوير آليات استخدامها .
وعلى الجانب الآخر وتحت ظلال التعثر ، يركز المديرون(ات) على التقيد بالإجراءات الشكلية الإدارية  (لوائح ،جداول أرقام ،توزيع العدة متى توفرت …) وكثرة المهام تنظيما وتسييرا ، مما الى فقدان المدير(ة) لجزء من دوره التربوي ، وهذا الوضع يجعل المدرسة بيئة تعتمد على التنفيذ الروتيني وأداء الخِدمة بدل التفاعل والمرونة والإبداع والمصاحبة والمواكبة الحقيقية للتعلم الرقمي .وفي ظل هذه الممارسات ،تُطرح عدة تساؤلا تطويرية : كيف يمكن للمدير(ة) أن يعزز ثقافة الاستخدام الواعي للموارد الرقمية ؟ وإلى أي حد يوفر له المركز/المسؤول الأدوات التي يحتاجها لمواكبة التحول الرقمي داخل المؤسسة ؟وكيف يعزّز دوره في القيادة والتوجيه والمواكبة بدل الاقتصار على الخدمات الإدارية فقط ؟
صــوت الـمـتـعـلـــم … الغــائــب الحــــاضر في شرائح الدروس الرقــــمـــية
في مدارس الريادة ؛ تقدِّم شرائح الدروس الرقمية فرصة جديدة لإغناء التعلم وتحديث الممارسات الصفية ،غير أن دور المتعلم (ة) داخلها يتأرجح بين المشارك الفعال والمتفرج الصامت . فعندما تتاح له فرصة السؤال، والمناقشة، والعمل داخل مجموعات صغيرة، يصبح جزءا من بناء المعرفة، ويتحــول التعلــم إلى تجربـة نابضـة بالفضول والتفاعل .  لكن في الواقع اليومي ، خصوصا داخل الفصول المكتظة التي تضم 30 متعلما أو أكثر ، ومع ضيق الوقت ، وصرامة الموارد المحددة، يجد المتعلم(ة) نفسه غالبا في موقع المتلقي، يشاهد الشرائح تمرُّ أمامه دون أن يُشارك في صُنْعِ الدّرس أو في فهمه العميق.
يتحول المتعلم (ة)إلى متفرّج حين تتراكم العوامل والإكراهات السلبية : ضغط الوقت ، كثافة التلاميذ، محدودية الأنشطة التفاعلية ،هيمنة أسلوب” العرض “على حساب” المشاركة” .ومع هذا الوضع، يصبح الأستاذ(ة) محاصرا بين الشرائح الجاهزة ورغبته في إشراك كل المتعلمين، بينما يحتاج المتعلم (ة)إلى مساحة أكبر للتعبير، والتساؤل، والتجريب، حتى لا يتحوّل الدرس الرقمي إلى مجرّد عرض يفتقِد إلى روح التّعلــــــم .
ولإعادة المتعلم (ة) إلى قلب العملية التعليمية التعلمية ، وتحويله من متلقي – متفرج إلى مشارك – فاعل ؛ يمكِن لمصمّمي شرائح الدروس في جميع المستويات التعليمية – في رأينا – اعتماد مسارات عملية بسيطة وفعالة من قبيل : اختيار سؤال محوري واحد لكل شريحة ، وضع الأجوبة المناسبة بعد شريحة السؤال مباشرة لضمان التتبع والتصحيح الفوري ، إعداد أنشطة تناسب الاشتغال داخل مجموعات عمل صغيرة ، دمج أنشطة قصيرة تتيح لكل متعلم فرصة المشاركة ، ثم فتح التعلم خارج الفصل عبر روابط ومهام مختصرة ومحددة .
ويبقى التفكير في المتعلم(ة) مسؤؤولية مشتركة بين الأستاذ(ة) والمدير(ة) والمفتش(ة) والمنظومة ككل .وهنا تُطرَح أسئلة ملحَّة : كيف نجعل الشرائح الرقمية محفّزة للفهــم لا مجرّد وسيلة عــرض؟ وكيف نضمن مشاركة المتعلم في ظل الاكتضاظ والضغط الزمني ؟وما السبيل لإشراكه في تحسين الموارد الرقمية عبر ملاحظاته؟ إنها أسئلة تنتظر أجوبة عملية، حتى يتحول التعلم الرقمي إلى فرصة حقيقية للنمو، لا مجرّد عرض مرئي سريع يمر دون أثــــر.
بَيْن رهانات التّميــز وتحَـدّيات التعثّــر أُفــق مفتـوح للتطــويــر
وزبدة المقال في هذا المقام، وباختصار مفيد ، أن التجربة الرقمية في المدرسة الرائدة تتأرجح حقا بين بَريق يعِد بالتميز ، وظلال تكشف تعثُّر الممارسة ، فشرائح الدروس تلْمـَع بوعودها، لكنها تفقد أثـرها إن بقيَت جامدة . والأستاذ(ة) يجتهد حضورا وتحضيــرا ليمْنح الدرس روحا رغم ضغط الزمن وكثافة الفصل وتباينه . يجاهِــد ليبقي الدرس حَــيّا، يُـــدرك أنّ الشرائح لا تُغني عن دوره ، بل تحتاج إلى لمْسَتِــه البيداغوجية ، يَـشْـرح ويُــبَـسِّــط ، يقــوّمُ ويُـدَعِّــــم ، لكنه يتعثّر حين تُـخْـتـزَل مهمته في تمريـر محتوى ، ويُطَوَّقُ بخطوات وتعليمات جاهزة لا تحتمِل التكييف . والمفتش(ة) يرافق ويُصاحب ويُواكب ، يَـسْـطَـع حين يفتح الحوار، يُسامِح ويوجّــه ويرشِد، وينقُــل الخبرات، غير أن دوره يَــضيق حين لا يملك مفاتيح التأثير. والمديـــر(ة) يقود ويُـدبِّــر ، يُنظّم ويُسيِّــر، يشارك، يقبل الاعتذار، يُـضيء مسار التحول ، لكنه قد يبتعد عن نبْض الصف حين تُـثْـقـله المهام الإدارية . وفي قلب المشهد يقـف المتعلم (ة) بين المشاركة والتفرّج، يتألًّـق حين يُمنح مساحة ، ينتبه ويشارك ، يناقش ويصوغ معارفــــه ويبني تعلماته بذكاء وتدرّج . ويَخْـبـو حين يُهمَّـش صوته وينزلِــق إلى مقعـد المتفرّج ، وفي سكوت المتعلم(ة) تتكشّف عُمق ظلال الإخفاق وتغيب غاية المشروع التربوي.
وهكذا يبقى المستقبل مفتوحا على أسئلة جوهرية : إلى أين نمضي؟ وكيف نحول شرائح الدروس عند تعميمها من أدوات عرض إلى أدوات بناء؟ وكيف نمكِّــن الأستاذ(ة)، ونُـدعِّــم المفتش(ة) ، ونُـفعِّــل دور المدير(ة)  ليكــــون التميـــز مسارا لا لحْظـــة ؟ وكيف نحمـي صوْت المتعلم (ة) من أن يضيع في زحمة العدد وضغط الزمن؟ وأسئلة أخرى تتداعى تبحث عن مدرسة رقمية تبشر بالريـــادة والتميز ليهْـمِـس المستقبل بسؤال لا يهدأ : كيف نصنع من الرقمنة تعلّـمـا نافعا يُزْهِــر ،لا عــرْضا لامِــعا ثم يمـــرّ؟!
(*) أستـاذ مهتـم بالشـأن البيداغوجــي – مديرية المضيق-الفنيدق

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

You may also like

أشغال الممرّين تحت أرضيين بمداخل مراكش تتقدّم بوتيرة سريعة وتقترب من مراحلها النهائية

طارق أعراب     تتقدم أوراش الممرّين تحت