المنصورية تحتضن ندوة وطنية حول : الأبعاد الاستراتيجية للحكم الذاتي بالصحراء المغربية

المنصورية تحتضن ندوة وطنية حول : الأبعاد الاستراتيجية للحكم الذاتي بالصحراء المغربية

- ‎فيسياسة, في الواجهة
9816
التعليقات على المنصورية تحتضن ندوة وطنية حول : الأبعاد الاستراتيجية للحكم الذاتي بالصحراء المغربية مغلقة

هيئة التحرير

احتضنت قاعة الاجتماعات بالملعب البلدي بجماعة المنصورية يوم السبت 6 دجنبر 2025 ندوة وطنية بعنوان “الأبعاد الاستراتيجية للحكم الذاتي بالصحراء المغربية: الفرص والتحديات”، بمشاركة نخبة من الأساتذة الجامعيين والباحثين المختصين في القانون العام والعلوم السياسية والحكامة والعلاقات الدولية. وقد شكّلت الندوة لحظة أكاديمية نوعية لإعادة قراءة المسار السياسي والقانوني لقضية الصحراء وتقييم فرص نجاح مبادرة الحكم الذاتي في سياق التحولات الجيوسياسية الدولية.

افتتح الدكتور كريم القرقوري، الأستاذ الجامعي الزائر ورئيس المنتدى المغربي للحكامة والتنمية، أعمال الندوة بتحليل معمّق للبعد الدستوري والمؤسساتي لمرحلة ما بعد الاعتراف الأممي بمقترح الحكم الذاتي. واعتبر أنّ المغرب يمتلك بنية دستورية متقدمة تسمح باستيعاب سلطات واسعة للحكم الذاتي، وأن التجربة المغربية في الجهوية المتقدمة تؤسس عملياً لإمكانية تنزيل هذا النموذج وفق قواعد الحكامة الرشيدة واللاتمركز الإداري.

ثم تناول الأستاذ محمد ملّمان، أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية ورئيس مركز الدراسات والبحوث الأكاديمية، التحولات الجيوسياسية الكبرى وأثرها على مبادرة الأطلسي الملكية. وقد أوضح أن التحولات المتسارعة في منطقة الساحل والصحراء، إلى جانب إعادة تشكيل التحالفات الدولية، تمنح المغرب موقعاً استراتيجياً يسمح له بإطلاق مبادرة الأطلسي كممر جديد للتنمية المشتركة والتكامل الأمني، ما ينعكس إيجاباً على حضور المغرب في تدبير ملف الصحراء ودعم مقترحه الحكم الذاتي.

أما مداخلة الدكتور بلال التليدي، المفكّر والباحث، فكانت من أبرز المساهمات خلال الندوة، إذ تناول فيها التاريخ السياسي للنزاع منذ فترة الاستقلال إلى اليوم، مستعرضاً المسار الكامل للقضية وكيف تشكّلت دينامياتها الإقليمية والدولية. وقدّم تحليلاً دقيقاً لمختلف مبادرات الحل، من اتفاقيات مدريد إلى عهد وقف إطلاق النار سنة 1991، مروراً بالمخططات الأممية المتعاقبة، وصولاً إلى بروز مبادرة الحكم الذاتي كإطار مرجعي ذي مصداقية دولية.

وتوقف التليدي مطولاً عند قرارات مجلس الأمن، خاصة القرار 2797، مبيّناً دلالاته السياسية والحقوقية وتأكيده على واقعية المقترح المغربي باعتباره الحل الأكثر جدية وواقعية. كما طرح جملة من السيناريوهات المستقبلية للنزاع، انطلاقاً من تطوّر مواقف الأطراف، ودور القوى الدولية، والمتغيرات التي تعرفها منطقة الساحل، معتبراً أن السيناريو الأقرب للتحقق هو تثبيت الحل السياسي القائم على الحكم الذاتي، لكونه يتماشى مع التوجه الدولي العام والواقع الميداني والإقليمي.

وبعده، قدم الدكتور محمد الدحماني، الباحث في القانون العام والعلوم السياسية، قراءة في دور النموذج الديمقراطي المغربي في دعم مسار الحكم الذاتي، مؤكداً أن الإصلاحات الدستورية والمؤسساتية عززت مصداقية المغرب في مجال تدبير الشأن الترابي، وأن التجارب التشاركية والمجالس المنتخبة تعد عناصر أساسية في نجاح أي نموذج للحكم الذاتي.

ثم استعرض الأستاذ عبد الإله حمدوشي، الكاتب الصحفي والباحث في القانون العام والعلوم السياسية، واقع التنمية الاقتصادية بالأقاليم الجنوبية باعتبارها رصيداً استراتيجياً يثبت جدية المغرب في تحسين ظروف العيش وتطوير البنيات التحتية. وأبرز أن النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية أصبح أداة قوية لإقناع المنتظم الدولي بأن الحل السياسي يجب أن يقوم على التنمية والاستقرار والانفتاح الاقتصادي.

أما الدكتور إبراهيم النوحي، منسّق مركز الدراسات والبحوث الأكاديمية، فقد خصص مداخلته لشرح الخصائص القانونية والسياسية للمبادرة المغربية، مبيناً أنها تتوافق مع التجارب الدولية للحكم الذاتي المعتمدة من طرف الأمم المتحدة، وأنها تقدم ضمانات واسعة لتمثيلية الساكنة وتدبيرها لشؤونها الداخلية ضمن السيادة الوطنية.

واختتم الأستاذ حسن مروان، الأستاذ الباحث في القانون العام والعلوم السياسية، الندوة بمداخلة حول دور المجتمع المدني في تفعيل الدبلوماسية الموازية، مشيراً إلى أن الفاعلين المدنيين أصبحوا شركاء أساسيين في الدفاع عن القضية الوطنية في المحافل الأكاديمية والمنتديات الدولية، وأنهم يسهمون في تبسيط القرارات الأممية للرأي العام الدولي وفي تعزيز شرعية المقترح المغربي.

وقد تميزت الندوة بنقاش تفاعلي بين المتدخلين والحضور، حيث طُرحت أسئلة حول مستقبل التحولات الجيوسياسية وتأثيرها على الملف، ومستوى جاهزية البنية المؤسساتية المغربية لنموذج الحكم الذاتي، ودور التنمية كعامل داعم للاستقرار والتنفيذ، إضافة إلى أهمية تعزيز البحث العلمي والدبلوماسية الموازية. وأسفرت المداخلات عن توافق واسع حول أن مقترح الحكم الذاتي يمثل اليوم الإطار الأكثر واقعية وأماناً لضمان الاستقرار والتنمية في المنطقة، انسجاماً مع التحولات الإقليمية والدولية.

You may also like

مراكش. ثانوية محمد السادس التقنية تطلق حملة بيئية واسعة لتحسين فضاءاتها التربوية

خولة العدراوي شهدت ثانوية محمد السادس التقنية، صباح