طارق أعراب
خلال جلسة مناقشة الميزانية القطاعية بمجلس المستشارين، أكدت وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، فاطمة الزهراء المنصوري، أن مشروع إحداث الوكالات الجهوية لن يُمرَّر في أي مرحلة دون توافق كامل مع النقابات الأكثر تمثيلية، مشددة على أن الحوار الاجتماعي سيظل الركيزة الأساسية لتدبير هذا الورش الإصلاحي الحساس.
وشهدت الجلسة تقديم المستشارة البرلمانية لبنى العلوي لموقف موحَّد للنقابات الثلاث المعنية بقطاع الوكالات الحضرية: الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، والاتحاد العام للشغالين بالمغرب، والاتحاد المغربي للشغل، حيث جددت هذه التنظيمات النقابية رفضها للصيغة الحالية للمشروع، معتبرة أنها لا تستجيب لمتطلبات الحكامة الجيدة، وتهدد الاستقرار الوظيفي للعاملين، وتفتقر إلى إشراك فعلي للشغيلة في بلورة الهيكلة الجديدة. كما أبرزت النقابات، في بلاغات سابقة ومواقف معلنة، أن أي إصلاح بنيوي لا يمكن أن يتم بمعزل عن ضمان الحقوق والمكتسبات، وتحقيق شروط واضحة للانتقال من النظام الحالي إلى الوكالات الجهوية.
وخلال مداخلتها، نبهت العلوي إلى ما وصفته بالضبابية التي طبعت منهجية إعداد المشروع، معتبرة أن طريقة تدبير الملف أفقدت الجهاز دوره التنموي وحدّت من فعاليته، فيما حمّل الاتحاد الوطني للشغل الوزارة مسؤولية الغموض الذي يلف مستقبل الموارد البشرية. ودعت المستشارة، باسم النقابة، إلى فتح حوار جاد ومسؤول، مؤطر بسقف زمني واضح، مؤكدة أن تمرير المشروع في ظل غياب توافق نقابي حقيقي سيكون خطوة غير محسوبة العواقب.
وفي ردها، عبرت الوزيرة فاطمة الزهراء المنصوري عن تقديرها لما اعتبرته “حسا نقابيا مسؤولا”، وأعلنت التزامًا لا لبس فيه بأن أي خطوة جوهرية تتعلق بالهيكلة الجديدة لن تتم دون اتفاق تام مع النقابات الأكثر تمثيلية. وقدمت الوزيرة ملامح خطة عمل تعتمد على مسارين متوازيين، الأول تقني يقوده الكاتب العام للوزارة ويعالج التفاصيل المرتبطة بالمشروع، خاصة ما يتعلق بمصير الموارد البشرية، والثاني سياسي مباشر تشرف عليه شخصيًا للتوافق النهائي على الصيغة التي سترفع إلى المؤسسة التشريعية.
وبهذا التعهد الرسمي، بدا واضحًا أن الحكومة تتجه نحو معالجة هذا الملف بمنطق تشاركي يراعي حساسية المرحلة وخصوصية القطاع، ليبقى التوافق المنتظر مع النقابات العامل الحاسم في تحديد مستقبل مشروع الوكالات الجهوية، وفي رسم مسار إصلاح مؤسساتي لا يُقصي أحدًا ويحافظ على توازنات المرفق العمومي وحقوق مهنييه.