هيئة التحرير
قدّمت وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، فاطمة الزهراء المنصوري، خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب ليوم الإثنين 24 نونبر 2025، عرضاً مفصلاً حول عدد من الملفات الكبرى المرتبطة بالمجالات القروية، التعمير، السكن الاجتماعي، وإعادة الإيواء بعد زلزال الحوز، مؤكدة أن الوزارة بصدد تنزيل إصلاحات عميقة لمواجهة أعطاب تراكمت عبر سنوات.
وأكدت المنصوري أن البرنامج الوطني لتنمية المراكز القروية الصاعدة يشكل إحدى أهم آليات تقليص الفوارق المجالية وتعزيز استقرار الساكنة. وقد تم تحديد 542 مركزاً قروياً منذ 2017، جرى انتقاء 77 منها ذات أولوية، بينما يهم الشطر الأول 12 مركزاً نموذجياً بكلفة تناهز 1.1 مليار درهم. وتشمل التدخلات تأهيل أحياء ناقصة التجهيز، إحداث مراكز سوسيو-ثقافية وأسواق محلية، فضلاً عن مناطق صناعية وفضاءات خضراء.
وفي ما يتعلق بتسهيل التعمير في العالم القروي، أوضحت الوزيرة أن الدورية المشتركة مع وزارة الداخلية مكنت من تحديد مدارات آلاف الدواوير ودراسة 99 ألف طلب ترخيص، تمت الموافقة على أكثر من نصفها، أغلبها مشاريع سكنية صغيرة. واعتبرت أن صعوبات التراخيص مرتبطة أساساً بتعقيدات ملكية العقار وبقوانين تعمير متجاوزة، معلنة أن تعديل قانون 12-90 يوجد قيد الإعداد.
وأبرزت المنصوري أن وثائق التعمير تغطي 89% من الجماعات، مع المصادقة على مئات تصاميم التهيئة والنمو خلال السنوات الأربع الماضية، في أفق استكمال ورش التخطيط الترابي وفق منظور متجدد يراعي حاجيات المجالات القروية والحضرية على حد سواء. وتوقفت أيضاً عند مشروع قانون الوكالات الجهوية للتعمير والإسكان، الذي سيُحدث لأول مرة قطباً خاصاً بمواكبة العالم القروي وتسريع المساطر.
وبخصوص مخلفات فشل جزء من برنامج “مدن بدون صفيح”، ذكّرت الوزيرة بأن عدد الأسر المستهدفة تضاعف منذ 2004، وأن الحكومة عملت على تغيير المقاربة بالتركيز على إعادة الإسكان وإشراك القطاع الخاص، ما رفع وتيرة الاستفادة ثلاث مرات. وكشفت أن برامج جديدة وُقّعت في الدار البيضاء والقنيطرة ومراكش، وأن الحصيلة الوطنية إلى غاية نونبر 2025 تشمل تحسين ظروف عيش حوالي 374 ألف أسرة وإعلان 62 مدينة بدون صفيح.
وقدمت المنصوري أيضاً معطيات دقيقة حول تقدم إعادة الإيواء في المناطق المتضررة من زلزال الحوز، حيث جرى تشخيص أكثر من 160 ألف بناية، وتحديد ما يقارب 59 ألف مسكن متضرر كلياً أو جزئياً، وصرف مختلف أنواع الدعم المالي. وأبرزت أن أكثر من 53 ألف منزل شارف على إنهاء الهيكل، ما يعكس — حسب قولها — دينامية غير مسبوقة في هذا الورش الوطني.
أما برنامج السكن الاجتماعي، الذي بدأ سنة 2010، فقد اعترفت الوزيرة بأنه حقق نتائج مهمة لكنه كشف أيضاً عن اختلالات بنيوية، خاصة تمركز الإنتاج في المدن الكبرى وغياب استهداف الطبقة المتوسطة. وأعلنت أن الوزارة تباشر حالياً اعتماد مقاربة جديدة ضمن برنامج دعم السكن.
وفي ما يتعلق بالسكن الإيجاري، أوضحت المنصوري أن الوزارة تستعد لإطلاق برنامج جديد موجه للأسر الشابة والمتوسطة والعاملين المتنقلين، وأن دراسة تقنية ومالية شاملة توجد في طور الإنجاز لتحديد نماذج الشراكة والهندسة الملائمة.
وبلغة تجمع بين التقييم والالتزام، شددت الوزيرة على أن هذه البرامج والإصلاحات تهدف إلى بناء سياسة عمومية أكثر عدالة ونجاعة، قادرة على الاستجابة لتحولات التمدن السريع، وفك العزلة عن القرى، وتقوية صمود المدن والمناطق المتضررة من الكوارث الطبيعية، مؤكدة أن الوزارة تعمل على “إعادة ترتيب أولويات التعمير والسكن وفق رؤية جديدة تتماشى مع التوجيهات الملكية وانتظارات المواطنين”.