حكيم شيبوب
قضاة المجالس الجهوية للحسابات بكل من جهات الدار البيضاء-سطات، مراكش-آسفي، فاس-مكناس، وطنجة-تطوان-الحسيمة، توصلوا بتعقيبات من رؤساء عدد من الجماعات الترابية حول ملاحظات وردت في تقارير التفتيش الأخيرة، والمتعلقة باختلالات مالية وإدارية جسيمة يُتوقّع أن تُحال بعض ملفاتها على القضاء.
وكشفت تسريبات من هذه التقارير عن احتكار شركات مقربة من منتخبين نافذين لعشرات الصفقات العمومية، في خرق واضح لقواعد المنافسة وتجاوزٍ لإجراءات فتح الأظرفة القانونية.
كما أظهرت عمليات التدقيق في وثائق الجماعات المعنية استعمالاً واسعاً لسندات الطلب كوسيلة للتلاعب في المال العام، من خلال أداء نفقات دون وجود مقابل فعلي للخدمات أو الأشغال المنجزة، الأمر الذي يضع هذه الممارسات في خانة الاختلاسات المالية التي تستوجب المتابعة القضائية.
التقارير سجلت أيضًا أن شركات محددة ظلت تستفيد لسنوات من مشاريع جماعية في ظل غياب الشفافية والمنافسة الحقيقية، وهو ما اعتبرته الجهات الرقابية مؤشراً على وجود تواطؤات منظمة بين بعض المسؤولين والممونين، مما تسبب في ارتفاع غير مبرر لتكلفة الخدمات وضعف المردودية المالية للجماعات.
ويُعتبر الاستعمال غير القانوني لسندات الطلب من أبرز منافذ الفساد المالي داخل الجماعات والإدارات العمومية، إذ تُستعمل هذه الآلية لتبرير نفقات صورية وتغطية خروقات مالية خطيرة تتم بتواطؤ بين مسؤولين ومقاولات محلية.
وكانت وزارة الداخلية قد أنهت بدورها عملية جرد وطنية رصدت خلالها مئات حالات التلاعب المالي والجبائي داخل الجماعات الترابية، وصنّف القضاء الإداري العديد منها ضمن الأخطاء الجسيمة الموجبة للعزل.
كما أكدت تقارير التفتيش أن العديد من الجماعات تلجأ إلى استخدام مفرط وغير قانوني لسندات الطلب لتسوية عمليات مالية دون منافسة مسبقة، في خرق صريح لمقتضيات المرسوم المنظم للصفقات العمومية الذي يفرض شفافية ووضوحاً في تحديد شروط ومواصفات الخدمات المطلوبة.
وتخلص التقارير إلى أن هذه التجاوزات تمثل تهديداً مباشراً للمالية المحلية وتكشف عن منظومة فساد متكررة داخل بعض الجماعات، تستوجب تدخلاً حازماً من القضاء والمؤسسات الرقابية من أجل حماية المال العام وإعادة الثقة في تدبير الشأن المحلي.