نهيلة عصمان( صحفية متدربة)
شرعت وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة في إعداد المخطط الجهوي للإسكان بكل من جهتي الدار البيضاء–سطات والرباط–سلا–القنيطرة، وذلك في إطار رؤية تمتد إلى أفق 2035.
هذه الخطوة تأتي في سياق تفعيل التوجيهات الملكية بشأن الجهوية المتقدمة ورفع فعالية السياسات الترابية، خصوصًا في ظل ارتفاع وثيرة التحضر التي انتقلت من 55 بالمائة سنة 2004 إلى ما يفوق 62 بالمائة سنة 2024، ما فرض ضغطًا غير مسبوق على العرض السكني والبنيات الاجتماعية.
وبحسب المعطيات المالية للمشروع، رُصد غلاف إجمالي قدره 6.4 مليون درهم موزع على جهتين:
3.6 ملايين درهم لجهة الدار البيضاء–سطات، و2.8 مليون درهم لجهة الرباط–سلا–القنيطرة، في مشروع يطمح إلى صياغة رؤية متكاملة توجه تدخلات الدولة والقطاع الخاص في مجال السكن لعشر سنوات قادمة.
المخطط الجديد لا يقتصر على المدن الكبرى، بل يشمل جميع الجماعات الترابية والمراكز الحضرية والقروية دون استثناء، بهدف إنتاج تصور شمولي يعالج الخصاص البنيوي، ويربط العرض السكني الحقيقي بالتحولات الديموغرافية والاجتماعية وارتفاع تكاليف العقار.
ويرتكز المخطط على ثلاث مراحل منهجية أساسية، تبدأ بتأطير الدراسة ووضع الإشكاليات وإجراء مقابلات مع المتدخلين المؤسساتيين ومنعشين عقاريين، تليها مرحلة التشخيص الميداني الذي يغطي واقع السكن ووضعية الأراضي والأسعار والعراقيل التقنية، بالاعتماد على نظم المعلومات الجغرافية لإنتاج خرائط دقيقة. أما المرحلة الأخيرة فتتوج بصياغة رؤية استراتيجية مفصلة مع خارطة طريق تمتد لعشر سنوات، تحدد آليات التمويل والتنزيل والمتابعة.
ويقوم المشروع على مقاربة تشاركية تنفتح على الفاعلين الترابيين والمؤسساتيين، لضمان الالتقائية وتوجيه سياسات التعمير داخل الجهتين بما يحفظ العدالة المجالية والتماسك الاجتماعي، خصوصًا وأن المنطقتين تمثلان أكثر الأقطاب استقبالا للهجرات الداخلية والضغط الديموغرافي.
وبهذا المسار الجديد، تراهن الحكومة على تحويل التخطيط السكني من مقاربة كمية ظرفية إلى سياسة ترابية مبنية على توقعات دقيقة ومرتبطة بالواقع الاجتماعي والاقتصادي لكل جهة، وهو ما قد يشكل نقطة تحول في تدبير أزمة السكن بالمغرب إن تم تفعيله على أرض الواقع كما هو مرسوم.