طارق أعراب /تصوير: ف. الطرومبتي
في الوقت الذي تبذل فيه المدينة جهوداً لتأهيل فضاءاتها الحضرية وضمان احترام جمالية المجال العام، يصرّ بعض أصحاب المطاعم والمقاهي بزنقة ابن عائشة وزنقة محمد البقال في الحي الشتوي بمراكش على تحويل الشارع إلى ملك خاص، واضعين الطاولات والكراسي ومعدات الخدمة فوق الأرصفة ووسط الممرات، في مشهد يختزل الفوضى وتجاوز القانون “على عينك يا بن عدي” دون رقيب أو حسيب.
هذه المنطقة، التي تُعد من بين أكثر الأحياء حيوية وإقبالاً سواء من طرف الساكنة أو السياح، تعرف انتشاراً متزايداً لظاهرة احتلال الملك العمومي، حيث يتم استغلال الفضاء العام للتوسّع التجاري دون احترام المسافات القانونية أو ترك ممر للراجلين، ما يضطر المواطنين للسير وسط الطريق ومشاركة السيارات مسارها، وهو ما يهدّد سلامتهم ويشوه صورة المدينة السياحية.
الخطير في الأمر أن أغلب هذه المحلات تُعد من أشهر وأرقى المطاعم في المنطقة، ما يطرح سؤالاً حقيقياً:
هل الشهرة والزبناء تساويان امتيازاً يسمح بتجاوز القانون؟
ولماذا يتحول الفضاء العام إلى امتداد تجاري ربحي عوض كونه حقاً مشتركاً للجميع؟
الاحتلال لا يقتصر على وضع الطاولات فقط، بل يمتد إلى نصب لافتات، واستعمال تجهيزات ثابتة، بل وفي بعض الحالات تغيير ملامح المكان بشكل دائم، وهو ما يثير استياء ساكنة الحي الذين يجدون أنفسهم محاصرين وسط نشاط تجاري مفرط لا يحترم حقوقهم الأساسية في المرور والتحرك.
وبرغم الحملات التي قادتها السلطات في أوقات سابقة، إلا أن الظاهرة تعود بشكل متكرر، ما يجعل الحديث عن “ردع ظرفي” لا عن “حل جذري”. فالقانون موجود، لكن الإشكال يكمن في الانتقائية في تطبيقه، وهو ما يولد شعوراً عاماً بأن بعض المحلات “فوق المساءلة” أو تتمتع بحماية غير معلنة.
حماية الملك العمومي ليست قضية تجارية أو إدارية فقط، بل هي مسألة عدالة حضرية واحترام لحقوق المواطنين في مدينة يجب أن تكون للجميع، لا لمالكي الرخص فقط. ومراكش، كمدينة عالمية تستقبل ملايين الزوار، لا ينبغي أن تقدم صورة الفوضى في قلب أهم أحيائها الراقية.
الساكنة تنتظر تحركاً حازماً يعيد الاعتبار للشارع العمومي، ويضع حداً لاحتكار الفضاء المشترك من طرف مصالح خاصة، مع ضمان المساواة في فرض القانون على الجميع دون استثناء.
