حكيم شيبوب
تعيش منطقة بوروس بإقليم الرحامنة على وقع أزمة مائية صامتة تتفاقم يوما بعد يوم، في ظل استنزاف غير مسبوق للفرشة المائية وتحويل مواردها الطبيعية نحو مشاريع خاصة على حساب الساكنة والفلاحين الصغار. ما كان في السابق مجرد مخاوف متفرقة لدى السكان، تحول اليوم إلى معطيات ميدانية موثقة، مع انتشار آبار عشوائية تستغل في تزويد شركات صناعية وترفيهية بالمياه، مقابل جفاف آبار تقليدية واندثار أراضٍ زراعية كانت مصدر عيش مئات الأسر. وفي قلب هذا المشهد، تضع الجمعية المغربية لحماية وتوجيه المستهلك بجهة مراكش آسفي أصبعها على “مافيا الماء” وتطالب بوقف ما تعتبره نزيفا مقننا يهدد بوروس بتكرار سيناريو مناطق دخلت فعلا نفق العطش.
الجمعية تعبر عن قلقها البالغ إزاء ما تم رصده من ممارسات مائية غير قانونية في بوروس رغم الندرة المائية التي تعرفها المنطقة، مشيرة إلى أن الساكنة وجمعيات تدبير الماء تقدمت منذ شتنبر 2021 بشكايات رسمية بشأن حفر بئر عشوائي بدوار أولاد بلا لخنيك وجلب مياهه إلى مشروع سياحي للتزحلق على الماء بدوار أولاد وسلام. ورغم تدخل لجنة إقليمية من الحوض المائي آنذاك، اكتفت بإطلاق مسطرة البحث العلني دون تحرير تقرير مفصل، لتُمنح لاحقا رخصة رسمية لجلب الماء للمشروع، وهو قرار تؤكد الجمعية أنه فتح الباب أمام طفرة أخرى من الاستغلال غير المشروع.
هذا الترخيص — تضيف الجمعية — شجع على توسع ظاهرة الآبار الموازية وتسخيرها للارتزاق عبر بيع المياه الجوفية، حيث تم مؤخرا حفر بئر جديد بجانب الوادي وعلى مقربة من السد الثانوي بدوار أولاد بلا لخنيك، مجهز مسبقا لبيع المياه دون احترام المساطر القانونية. وتتردد عليه شاحنات صهريجية ليل نهار تنقل كميات ضخمة من المياه لفائدة مشاريع صناعية وترفيهية وخدماتية حديثة بالمنطقة، ما أدى إلى نضوب آبار فلاحين صغار وجفاف حقولهم، في مؤشر خطير على أزمة عطش وشيكة قد تشعل احتقانا اجتماعيا واسعا.
وترى الجمعية أن هذه التجاوزات تتعارض مع القانون رقم 36.15 المتعلق بالماء ومع مقتضيات الدستور المغربي، معتبرة أن استمرارها يمثل تهديدا مباشرا للأمن المائي للمنطقة، ويمهد لتحويل موارد عمومية نادرة إلى ريع خاص دون رقابة فعلية من المؤسسات المسؤولة.
وتطالب الجمعية وكالة الحوض المائي لتانسيفت بالتدخل الفوري لوقف الاستغلال الجائر وإغلاق البئرين المتورطين، مع فتح تحقيق إداري وقضائي وإنصاف الفلاحين المتضررين وضمان العدالة المائية. كما تدعو إلى مراجعة الترخيص الممنوح للمشروع السياحي والتحقيق في حجم استهلاكه للمياه، وإلزام جميع المشاريع الناشئة بالاعتماد على حلول بديلة ومستدامة.
وتشدد الجمعية على ضرورة حماية ما تبقى من المخزون الجوفي باعتباره المورد الوحيد لتزويد مركز الجماعة وبعض دواويرها بالماء الشروب، مع تفعيل المراقبة والحد من الاستغلال العشوائي وتطبيق العقوبات المنصوص عليها في القانون 36.15 على المتورطين في ما تسميه “سرقة الثروة المائية”.
وفي ختام البلاغ، تذكر الجمعية الجهات المعنية بضرورة تنفيذ المساطر القانونية على أرض الواقع، حتى لا تلقى مطالبها نفس المصير الذي واجهته سابقا حين اصطدمت — حسب تعبيرها — بحماية جهات نافذة استفادت من استمرار الوضع على ما هو عليه.