معتصم مراكش.. حين يتحول إنقاذ حياة مواطن إلى سباق مزايدات بطعم “السبق السياسي”

معتصم مراكش.. حين يتحول إنقاذ حياة مواطن إلى سباق مزايدات بطعم “السبق السياسي”

- ‎فيرأي, في الواجهة
146
0

نورالدين بازين

لم ينتهِ اعتصام المواطن الذي قضى سبعة أيام معلقًا فوق عمود كهربائي بمدينة مراكش، بمجرد إقناعه بالنزول وإنهاء احتجاجه الخطير. صحيح أن اللحظة الإنسانية كانت الأهم، وأن تدخل السلطات وطاقم الإنقاذ جنّب المدينة مأساة محققة، لكن ما تلا الحدث كشف واقعًا آخر لا يقل خطورة: تحويل الأزمات الإنسانية إلى بورصة للمكاسب الرمزية والسياسية والإعلامية.

فما إن نزل الرجل بسلام حتى تسابق البعض لإعلان الانتصار وادّعاء «الفضل» في إنهاء الاعتصام، وكأن حياة إنسان نشاز يُنسب لجهة دون أخرى، أو شهادة استثمار انتخابي تُوزع لمن يرفع الشعار الأعلى صوتًا. صفحات فيسبوك، جمعيات، منتخبون، وناشطون رقميون… الجميع خرج يصرّح:
“هو ديالي… أنا لي تدخلت… أنا لي هضرت معاه… هو نزل بسببي!”
وكأن الأمر منافسة رياضية وليس مأزقًا اجتماعيًا يعكس هشاشة وضع المواطن الذي وجد نفسه مضطرًا لتعليق جسده في الهواء طلبًا للإنصات.

الحقيقة التي يحاول البعض تجاوزها أن هذا الشخص لم يصعد إلى العمود بحثًا عن بطل ينقذه، بل بسبب فشل منظومة الاستماع والتواصل والحلول قبل الوصول إلى مرحلة اليأس. وما كان يجب أن يحدث هو فتح تحقيق اجتماعي وإداري في خلفيات هذا الاحتجاج الخطير، وليس التهافت على التقاط الصور وكتابة البلاغات.

الاحتجاج هنا ليس حدثًا، بل عرضٌ لأزمة أعمق:

  • مواطن محاصر بمشكل لم يجد له قناة رسمية فعالة.
  • مؤسسات تستيقظ فقط عندما يصبح الخطر علنيًا ومصورًا.
  • فاعلون يتعاملون مع الأزمات كـ”فرص تواصل” لا كمسؤولية عمومية.

وإذا كان النزول من العمود قد أنهى المشهد الدرامي، فإنه لم ينه الأسئلة الجوهرية:
ماذا بعد؟ هل عولج ملفه؟ من سيضمن ألا يصعد آخرون إلى أعمدة أخرى؟ وهل الحل في الإطفاء اللحظي للحرائق الاجتماعية أم في بناء آليات إنصات فعالة قبل الانفجار؟

الرهان الحقيقي ليس من نزل معه أولاً أو من التقط الصورة الأقرب، بل في إعادة الاعتبار لقنوات الحوار، والاعتراف بأن الأزمة ليست حدثًا معزولًا بل مؤشرًا على خلل أكبر يحتاج معالجة مؤسساتية لا بطولات فردية.

فالمواطن الذي صعد العمود ليس «غنيمة تواصلية»، بل جرس إنذار.

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

You may also like

مجموعة الضحى بجهة مراكش آسفي.. رافعة عمرانية واستثمارات متنامية تعيد تشكيل الخريطة العقارية بالجهة

هيئة التحرير تواصل مجموعة الضحى تعزيز حضورها بجهة