بورتريه: سي عمر بلڭوط… “ميخي” ساحة جامع الفنا الذي لا ينسى

بورتريه: سي عمر بلڭوط… “ميخي” ساحة جامع الفنا الذي لا ينسى

- ‎فيفن و ثقافة, في الواجهة
119
0

خولة العدراوي

رحل عن ساحة جامع الفنا واحد من أعلامها الكبار، سي عمر بلڭوط، المعروف بين روّاد الحلقة بلقب “ميخي”؛ ذلك الرجل الذي لم يكن مجرد حكّاء أو صاحب فقرة فنية، بل ذاكرة حيّة من ذاكرة مراكش، وصوتاً متفرّداً ظل محفوراً في الوجدان الشعبي لعقود.

بدأ مساره من أروقة سينما “إيدن” بالقنارية، حيث اشتغل إلى جانب صديقه ورفيق دربه عبد الحكيم الخبزاوي، الشهير بـ”كيلي جولي”. غير أن قدره كان أكبر من جدران السينما؛ فقد وُلد ليقف في قلب الساحة، بين الناس، ينسج الكلام كما تُنسج الحكايات، ويحوّل اللحظة العابرة إلى عرض فني يأسر السامعين.

امتلك سي عمر بلاغة لا تخطئها الأذن، ولساناً فصيحاً يلمع في الهواء مثل سيف، وقدرة نادرة على الارتجال وتوليد العبارات اللحينة التي تتحوّل بين يديه إلى أغانٍ شعبية تنساب بقوة وإيقاع. كان يلتقط تفاصيل الحياة اليومية، ويحوّلها إلى مقطوعات لا تنسى، فيضحك الجمهور حيناً، ويتفاعل بحماسة حيناً آخر، وكأنه جزء من العرض نفسه.

من بين أعماله التي رسخت في الذاكرة المغربية، تبرز أغنيته الأشهر “أمولا بغداد”، التي ما يزال صداها يتردّد إلى اليوم. لم تكن مجرد أغنية؛ كانت حالة فنية، وصورة من صور زمن كانت فيه الحلقة مدرسة مفتوحة للفن الشعبي، وفضاءً يمنح الاعتراف الحقيقي للمبدعين.

برحيل سي عمر بلڭوط، تفقد ساحة جامع الفنا واحداً من آخر الأصوات الأصيلة التي صنعت مجدها الفني والإنساني. لكن صدى كلماته، وذكراه التي تتقاطع مع تاريخ المكان وروحه، سيظلان قائمين في ذاكرة روّاد الساحة وكل من عاش لحظات من فرحها على وقع صوته.

رحم الله ميخي… فقد كان واحداً من الذين منحوا للفرجة معناها الشعبي الخالص، وللساحة جزءاً من روحها.

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

You may also like

إعلان عن انقطاع التزويد بالتيار الكهربائي بالصويرة

إعلان في إطار التحسين المستمر لجودة خدماتها، تعلن