لوبيات الظل تبتلع المشهد الإعلامي بمراكش… فمن ينقذ الصحافة قبل سقوطها الكامل؟

لوبيات الظل تبتلع المشهد الإعلامي بمراكش… فمن ينقذ الصحافة قبل سقوطها الكامل؟

- ‎فيرأي, في الواجهة
80
0

بقلم:نورالدين بازين

تشهد مراكش حالة غير مسبوقة من الاضطراب في المشهد الإعلامي، مشهد تتداخل فيه المصالح وتتصارع فيه خلفيات غامضة، وكأن هناك من يعمل بصمت لإعادة تشكيل الساحة الصحفية وفق خرائط خفية لا علاقة لها بروح المهنة ولا بالأخلاقيات التي تنظمها. فبدل أن تكون الصحافة سلطة رابعة، تحولت إلى ساحة مفتوحة أمام أطراف تحركها حسابات ضيقة، وأجندات تسعى للهيمنة والتموقع أكثر مما تبحث عن الحقيقة.

المثير اليوم هو بروز وجوه غريبة عن الميدان، تتقدم بخطوات ثابتة نحو تصدر الواجهة، رغم افتقارها لأي تجربة مهنية أو تاريخ صحفي يُذكر. تظهر فجأة، وتتحرك بودّ حارق، وكأنها تحظى بدعم غير مرئي يمهد لها الطريق ويزيل من أمامها كل العقبات. هذا الحضور غير الطبيعي يطرح سؤالاً مشروعاً: من يقف خلف هذه العناصر؟ ومن يهيئ لها هذه المسارات السلسة داخل الميدان؟

بعض الجهات التي تورطت في ملفات متعددة بدأت ترى في الإعلام المحلي فرصة لتطهير صورتها عبر التوظيف الذكي لمواقع ومنابر وواجهات إعلامية مستجدة، تُستعمل حيناً للضغط وحيناً آخر لتبييض السجلات أو لشن حملات مدروسة ضد كل صوت يرفض الخضوع. إنها محاولة بطيئة لكنها منظمة، لاختراق القطاع وتوجيه مساراته، حتى يصبح الإعلام مجرد امتداد لنفوذ خفي يضغط من الخلف.

ومع توسع هذا اللوبي، باتت الفوضى جزءاً طبيعياً من يوميات الصحافة في المدينة. يتم إغراق الساحة بأسماء لا علاقة لها بالمهنة، وتُهمَّش الأصوات المهنية الصادقة، ويُمارس الترهيب الناعم ضد الصحفيين المستقلين، بينما تُستغل المنابر كآليات لتحقيق مكاسب شخصية أو سياسية. في مقابل ذلك، يسود صمت رسمي مثير للريبة، صمت يوحي إما بعدم إدراك لحجم الخطر، أو بوجود حسابات تجعل التدخل أمراً غير مرغوب فيه.

وإذا استمر هذا الوضع على حاله، فإن الصحافة الحقيقية في مراكش ستفقد آخر عناصر قوتها. إذ لا يمكن لقطاع يُخترق من الداخل بهذه الطريقة أن يصمد طويلاً أمام موجات التشويه والتطويع والضغط. كما أن ترك الساحة لمن لا علاقة لهم بالمهنة، أو لمن يتخذون منها واجهة لتصفية حساباتهم، هو تهديد مباشر لحق المواطنين في إعلام نزيه ومسؤول.

إن الحاجة اليوم أصبحت ملحّة لفتح تحقيقات حقيقية وفورية حول هذا المخطط الذي يتوسع يوماً بعد آخر. من يحرك هذه الوجوه؟ من يمول وأين يهدف؟ وما طبيعة العلاقة بين المصالح التي تتحرك في الظل وبين المنابر التي ظهرت فجأة لتخدمها؟ الصمت لم يعد خياراً، لأن ما يجري ليس صراعاً مهنياً عادياً، بل هو محاولة للاستحواذ على الإعلام المحلي عبر بوابة الاختراق الناعم.

لقد وصل الوقت لوقفة جادة وصريحة تعيد للصحافة هيبتها، وتضع حداً لمن يحاول تحويلها إلى لعبة في يد المصالح واللوبيات. فالمهنة التي دافع عنها آلاف الصحفيين في أحلك الظروف لا يجب أن تُترك عرضة لعبث الطامحين، ولا أن تتحول إلى ساحة مفتوحة لمن يستخدمها متى شاء ويهجرها متى شاء.

ويبقى السؤال الأكبر قائماً بإلحاح: من يحمي الصحافة بمراكش قبل أن تصبح اللعبة أكبر من الجميع؟

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

You may also like

حين يغيب التفعيل… الفلسفة التربوية المغربية بين الحضور النظري والتَّغْيِيب التطبيقي

أنس غفاري تعيش المدرسة المغربية منذ عقود على