بقلم :نورالدين بازين
في الوقت الذي غادر فيه الكاتب الجزائري بوعلام صنصال أسوار السجن متجهًا نحو ألمانيا لتلقي العلاج، بعد استجابة السلطات الجزائرية لطلب الرئيس الألماني بالإفراج عنه، يواصل المعتقل السياسي عبد القادر بن يمينة معركته الصامتة مع الزمن خلف القضبان منذ سنة 1991، أي ما يزيد عن 34 عامًا من السجن المستمر، ليصبح بذلك أقدم معتقل سياسي في الجزائر، بل وأحد أقدم المعتقلين في العالم.
عبد القادر بن يمينة، الذي تجاوز الثمانين من عمره، لم يعد قادرًا على الحركة أو الكلام، كما تقول أسرته، التي وجهت عشرات النداءات والرسائل إلى السلطات الجزائرية تطالب فيها بالإفراج الإنساني عنه، حتى يتمكن من قضاء ما تبقى من عمره بين أبنائه وأحفاده. حفيدته الصغيرة، ذات العشر سنوات، ناشدت الرئيس الجزائري ببراءة الطفولة قائلة: “أطلقوا سراح جدي حتى يموت في بيته”، لكن صوتها، كما يبدو، لم يجد صدى.
قصة بن يمينة تضع أمام الرأي العام مفارقة لافتة بين حالتين: كاتب يحظى بوساطة رئاسية أجنبية تمكّنه من الحرية، ومعتقل سياسي عجوز تُغلق في وجهه كل الأبواب رغم تدهور صحته. وهي مفارقة تُعيد طرح سؤال العدالة والمساواة أمام القانون في بلد يرفع شعار احترام حقوق الإنسان.
الزمن وحده لم يرحم هذا الرجل، لكن قسوة التجاهل الرسمي جعلت من سجنه رمزًا لصمت مؤلم يطغى على ملف المعتقلين السياسيين في الجزائر.
إن استمرار اعتقاله بعد أكثر من ثلاثة عقود، رغم وضعه الصحي الحرج، لا يمثل فقط مأساة إنسانية لعائلته، بل اختبارًا أخلاقيًا لمؤسسات الدولة أمام الضمير الوطني والعالمي.
ويبقى السؤال الذي يردده الكثير من الجزائريين اليوم:
هل ستتحرك الإنسانية قبل القانون، لينال عبد القادر بن يمينة حريته، أم سيبقى ينتظرها خلف جدران الصمت إلى الأبد؟