حيفٌ مُزمن في نظام الترقية المهني للأساتذة: هل نقيّم ما يكتبه الأستاذ في ورقة الامتحان المهني أم ما يبنيه داخل فصله؟

حيفٌ مُزمن في نظام الترقية المهني للأساتذة: هل نقيّم ما يكتبه الأستاذ في ورقة الامتحان المهني أم ما يبنيه داخل فصله؟

- ‎فيرأي, في الواجهة
1224
0

محمد خالد

رغم أن الامتحان المهني للأساتذة بالمغرب يُقدَّم كل سنة باعتباره آلية “منصفة” لترقية نساء ورجال التعليم، فإن واقع التنقيط والمعايير المعتمدة يطرح أسئلة عميقة حول عدالته وفعاليته. فالنقطة المهنية تُحتسب بنسبة 30%، ونقطة الامتحان الكتابي بنسبة 70%، لتُدمج النقط في معدل نهائي يُفترض أن يعكس كفاءة الأستاذ. لكن هل يعكس هذا النظام فعلاً القيمة المهنية الحقيقية؟ وهل يقيس أثر الأستاذ داخل الفصل الدراسي؟ أم أنه مجرد مسطرة تقنية لا تُنصف المجدّين؟

ومن جهة أخرى، ورغم نجاح عدد من الأساتذة في الامتحان المهني، فإن هذا النجاح لا يضمن الترقية مباشرة، لأن النظام يعتمد على «كوطة» سنوية لا تتجاوز 36% من مجموع المستوفين للشروط النظامية. وهو ما يجعل الاستفادة من الترقية محدودة حتى بين الناجحين فعلياً، ويُفاقم الشعور بالغبن لدى العديد من الأساتذة الذين يجتازون الامتحان باجتهاد وينجحون فيه، لكنهم لا يرقَّون بسبب ضيق الحصيص.

امتحان يقيس ما يُكتب… لا ما يُنجز

يُطلب من الأستاذ كل سنة تحليل “وضعية تربوية” أو “تخطيط درس ” يفترض أنه يجسد خبرته المهنية.
لكن التدريس الحقيقي يحدث داخل القسم، ضمن سياقات يومية معقدة لا يمكن اختزالها في ورقة امتحان.

الأستاذ الذي يواجه أقساماً مكتظة، تلاميذ مختلفي القدرات، مناهج متغيرة، وأحيانا نقص الوسائل… هل يمكن اختزال كل هذا في جواب مكتوب لمدة ساعتين أو ثلاث؟
وهل تُقاس جدية الأستاذ، وابتكاره، ومهارته التربوية، ودفء علاقته بتلامذته، بـ “إنشاء بيداغوجي” ؟

النقطة المهنية… المرآة التي لا تعكس الواقع

رغم أن النقطة المهنية تُمنح من المدير والمفتش—وهما وحدهما من يتابعان عمل الأستاذ طيلة السنة—إلا أنها ما تزال تُعامل كعنصر ثانوي ومحدود التأثير (30‰) .
وهو تناقض غير منطقي، لأن المدير والمفتش يشاهدان:

انضباط الأستاذو تفاعله

تأثيره على المتعلمين

مشاركته في أنشطة ومشاريع المؤسسة

قدرته على تدبير القسم

مساعيه في الرفع من جودة التعلمات و دعم المتعثرين

فكيف يُغيب وزن هذا العمل مقابل امتحان كتابي ظرفي؟

ملف الأستاذ: مطلب مستعجل لإصلاح التقييم

من أهم الاختلالات التي يجب تصحيحها هو غياب ملف الأستاذ (Teacher Portfolio) عن منظومة الترقية.
هذا الملف يجب أن يصبح جزءاً من التقييم، وأن يشمل:

التكوينات التربوية المعتمدة

التداريب المهنية

المهام التربوية المسندة إليه خلال مساره

التشجيعات و التنويهات و الاستحقاقات الرسمية

البحوث والدراسات التربوية

المساهمات في الحياة المدرسية

الأنشطة والبرامج التي واكبها أو أشرف عليها

هذا هو “الرصيد المهني الحقيقي” للأستاذ، وهو ما يجب أن يكون جزءاً أساسياً في الترقية.

حين يتساوى العادي مع المتفاني

النظام الحالي يسمح لمن يكتفي بالحد الأدنى—درس يلقيه وينصرف—أن يجد نفسه في نفس السلم مع أستاذ يحترق يومياً داخل الفصل، يبتكر، يجتهد، يؤطر الأنشطة، ويعامل تلامذته كأبنائه.
فهل يُعقل أن يستويا؟

حلّ منصف عاجل: 50% للنقطة المهنية و50% للامتحان

ليقع بعض الإنصاف ، يجب تعديل أوزان التنقيط: النقطة المهنية 50% والامتحان الكتابي 50%
لخلق توازن يُعيد الاعتبار للعمل التربوي اليومي.

الترقية ليست رقماً عابراً في بيان نقط.
الترقية هي اعتراف بقيمة من ينحت مستقبل الوطن داخل القسم.

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

You may also like

فيديو. آسفي.. انتهاء أشغال قنطرة أموني وسط مطالب باستكمال تعبيد الطريق نحو الوطنية 301 وتعزيز الإنارة والمراقبة

طارق اعراب اكتملت مؤخراً أشغال قنطرة حي أموني