تسلطانت..نهاية زمن“الأصنام الانتخابية”ومنتخبون يتناوبون على لعب أدوار المعارضة والأغلبية حسب موازين المصالح

تسلطانت..نهاية زمن“الأصنام الانتخابية”ومنتخبون يتناوبون على لعب أدوار المعارضة والأغلبية حسب موازين المصالح

- ‎فيسياسة, في الواجهة
116
0

هيئة التحرير

            تعيش جماعة تسلطانت، الواقعة على مشارف مدينة مراكش، على وقع تساؤلات حارقة تتردد على ألسنة ساكنتها: هل أصبحت هذه الجماعة ضحية تواطؤات سياسية عطّلت مسار التنمية وأبقت المنطقة رهينة الحسابات الانتخابية الضيقة؟ وهل يستعد الجيل الجديد من شبابها إلى قلب الطاولة على “الأصنام الانتخابية” التي عمرت المشهد المحلي لعقود طويلة دون أن تثمر تغييرًا ملموسًا في حياة المواطنين؟

تسلطانت، التي تمثل أحد أهم الامتدادات العمرانية لمراكش، لم تنجُ من مظاهر التفاوت الصارخ بين الإمكانات المتاحة والنتائج المحققة. فبين غياب البنية التحتية الأساسية، وضعف الإنارة والطرقات، وتراجع الخدمات الاجتماعية، يبدو أن الجماعة تعيش عطالة تنموية مزمنة، رغم موقعها الجغرافي الذي كان يمكن أن يجعلها نموذجًا في التخطيط المجالي المتوازن.

ويُرجع متتبعون محليون هذا الوضع إلى تداخل المصالح السياسية والانتخابية، حيث تتحول المشاريع إلى أوراق ضغط بين الفاعلين، بدل أن تكون أدوات تنمية في خدمة الساكنة. فيما يرى آخرون أن “التحالفات الهشة” التي تُعقد بعد كل انتخابات تُفرغ المجالس من مضمونها وتحوّلها إلى مجال لتبادل المواقع لا لتدبير الشأن العام.

في مقابل هذا الركود، برز وعي جديد بين شباب تسلطانت، الذين لم يعودوا يقبلون بلعب دور المتفرج في مسرحية انتخابية متكررة. فمع تزايد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي كمنصات للنقاش المحلي، بدأ جيل جديد يطرح الأسئلة الجوهرية حول معنى التمثيلية والمحاسبة، ويدعو إلى تجديد النخب وفتح المجال أمام الكفاءات المحلية لتولي زمام المسؤولية.

وتشير المعطيات الميدانية إلى أن عددا من الجمعيات الشبابية والفاعلين المدنيين في المنطقة بدأوا في بناء شبكات تواصل وتنسيق، استعدادًا للاستحقاقات المقبلة، من أجل تقديم بدائل حقيقية تعيد الثقة إلى الناخبين، وتكسر حلقة العزوف السياسي التي طالما استفاد منها المتحكمون في المشهد المحلي.

وما بات يسميه بعض المحللين بـ“الأصنام الانتخابية” في تسلطانت، أي تلك الوجوه التي ترسخت في المشهد لعقود دون تجديد أو محاسبة، قد تجد نفسها أمام امتحان صعب في الانتخابات المقبلة. فالتغيير لم يعد شعارًا فضفاضًا، بل أصبح مطلبًا شعبيًا تفرضه التحولات المجتمعية، خاصة في ظل الجيل الجديد من الناخبين الذين لا يعترفون بولاءات تقليدية أو وعود انتخابية واهية.

ويرى متتبعون للشأن المحلي والاتتخابي أن استمرار الوضع الراهن لم يعد ممكنًا، وأن الزمن السياسي المقبل سيكون لشباب يؤمنون بالعمل الميداني والشفافية، وبأن التنمية المحلية لا يمكن أن تتحقق إلا عبر قطع نهائي مع منطق الزبونية والمحسوبية الذي كبّل الجماعة لسنوات.

و لا يختلف اثنان في أن دورات مجلس جماعة تسلطانت تحوّلت، في كثير من الأحيان، إلى ساحات لتبادل الأدوار وتصفية الحسابات السياسية أكثر منها فضاءات للنقاش الجاد حول قضايا التنمية.
فبدل التركيز على الملفات الحيوية التي تهم الساكنة، تنحرف الجلسات إلى مزايدات شخصية وصراعات حزبية ضيقة، يضيع معها جوهر العمل الجماعي وروح المسؤولية.

ويصف بعض المهتمين بالمنطقة هذه الظاهرة بأنها “إعادة إنتاج لنفس المسرحية السياسية”، حيث يتناوب المنتخبون على لعب أدوار المعارضة والأغلبية حسب موازين المصالح، دون أي رؤية موحدة أو التزام فعلي تجاه المواطنين.

هذا المشهد المتكرر جعل الكثير من سكان تسلطانت يفقدون الثقة في قدرة المجلس على تحقيق تطلعاتهم، ويدفعهم أكثر إلى المطالبة بتجديد الدماء وإعطاء الكلمة للطاقات الشابة القادرة على تجاوز منطق التناحر نحو التدبير الفعّال والمسؤول.

و مع اقتراب الاستحقاقات المقبلة، تبدو تسلطانت أمام مفترق طرق حاسم: إما أن تواصل الدوران في حلقة الممارسات القديمة، أو أن تختار طريق التغيير بإرادة واعية تقطع مع الماضي وتمنح الكلمة للشباب.

الإشارات القادمة من الميدان تُظهر أن الساكنة بدأت تستعيد صوتها، وأن جيلًا جديدًا من الفاعلين بدأ يفكر في بناء مشروع جماعي بديل. فهل سيكون عام 2026 موعدًا لتحرير تسلطانت من قيود التواطؤات السياسية؟ أم أن “الأصنام الانتخابية” ستنجح مرة أخرى في إعادة تدوير نفسها داخل المشهد المحلي؟

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

You may also like

زمالة الشباب المغاربة يلتقون بالسفير يوسف العمراني في واشنطن العاصمة

هيئة التحرير حوار يبرز التزام المغرب بتمكين الشباب