طارق أعراب
احتضن مقر عمالة إقليم آسفي، اليوم الثلاثاء، لقاءً تشاوريًا موسعًا خُصص لتبادل الرؤى حول إعداد الجيل الجديد من برامج التنمية الترابية المندمجة، في خطوة تهدف إلى صياغة رؤية موحدة وشاملة تستجيب لتطلعات الساكنة في مختلف المجالات الاجتماعية والاقتصادية.
ويأتي هذا اللقاء، الذي ترأسه عامل الإقليم محمد فطاح، بحضور الكاتب العام للشؤون الجهوية بولاية جهة مراكش آسفي، ورؤساء المصالح الخارجية، ومنتخبين، ورجال السلطة، وفعاليات المجتمع المدني، في إطار تفعيل التوجيهات الملكية السامية التي دعا من خلالها جلالة الملك محمد السادس، في خطاب عيد العرش الأخير، إلى إرساء جيل جديد من البرامج التنموية المتكاملة، تراعي الخصوصيات المحلية وتضمن عدالة مجالية بين مختلف مناطق المملكة.
وخلال اللقاء، عرف النقاش مشاركة واسعة لممثلي المجالس المنتخبة والمصالح الخارجية وجمعيات المجتمع المدني، الذين قدّموا مقترحات عملية لتطوير منظومة التنمية المحلية، خصوصًا في مجالات التعليم، والصحة، والتشغيل، والبنية التحتية، وتدبير الموارد المائية، إضافة إلى تشجيع المبادرات الموجهة للشباب والنساء في العالم القروي.
وفي كلمته بالمناسبة، شدد عامل إقليم آسفي على أن التوجيهات الملكية تشكل خارطة طريق لتحقيق العدالة المجالية وتقليص الفوارق الاجتماعية، خاصة بالمناطق القروية، مشيرًا إلى أن الهدف الأساس هو تمكين جميع المواطنين من الاستفادة العادلة من ثمار التنمية.
وأكد السيد فطاح أن تنزيل هذه الرؤية يتطلب التركيز على أولويات واضحة، أبرزها إنعاش سوق الشغل، وتعزيز الخدمات الاجتماعية، وتدبير الموارد المائية بطريقة استباقية، وتنفيذ مشاريع تأهيل ترابي تراعي خصوصيات كل منطقة، مضيفًا أن تحقيق هذه الأهداف رهين بـ”إرادة جماعية وتعبئة شاملة وتنسيق محكم بين مختلف المتدخلين وفق مقاربة تشاركية فعالة”.
من جهته، قدّم عبد الله جطي، ممثل المركز الجهوي للاستثمار بمراكش آسفي – ملحقة آسفي، عرضًا مفصلًا تناول فيه التحديات التنموية التي تواجه الإقليم، واستعرض حصيلة المشاريع المنجزة خلال الفترة الممتدة من 2015 إلى 2024، والتي بلغت 1281 مشروعًا بقيمة مالية إجمالية تناهز 7,26 مليار درهم، همت بالأساس مجالات البنيات التحتية والتجهيز (74%)، والخدمات الاجتماعية للقرب (13%)، والقطاعات الإنتاجية (13%).
وأشار جطي إلى أن إقليم آسفي، رغم ما يتوفر عليه من مؤهلات اقتصادية وطبيعية وبشرية كبيرة، لا يزال يواجه تحديات تتعلق بضعف الربط والبنيات التحتية، والعرض السياحي المحدود، ونقص الخدمات الصحية والتعليمية، إلى جانب إشكالية ندرة المياه.
واختُتم اللقاء بالتأكيد على ضرورة مواصلة هذا النوع من المشاورات على صعيد مختلف الجماعات الترابية بالإقليم، ضمانًا لانخراط الجميع في بلورة رؤية تنموية جماعية ومتكاملة.
كما تم الاتفاق على إحداث خلايا استقبال محلية بجميع الجماعات، تتولى جمع مقترحات المواطنين وانتظاراتهم التنموية، إلى جانب إطلاق منصة رقمية مخصصة للفاعلين المحليين والمؤسساتيين، لتمكينهم من المساهمة في صياغة التصور الجماعي للبرنامج التنموي الجديد لإقليم آسفي، بما ينسجم مع الرؤية الملكية السامية للتنمية العادلة والمستدامة.