مراكش. دار الباشا.. مبانٍ عريقة تُقاوم الإهمال وسط إصلاحات لم تكتمل

مراكش. دار الباشا.. مبانٍ عريقة تُقاوم الإهمال وسط إصلاحات لم تكتمل

- ‎فيفن و ثقافة, في الواجهة
214
0

طارق أعراب

رغم مرور سنوات على إطلاق مشاريع الترميم والإصلاح بعدد من المباني التاريخية العتيقة بحي دار الباشا في المدينة القديمة لمراكش، فإن الواقع الميداني يكشف عن تعثر واضح في إتمام الأشغال، ما جعل عدداً من البنايات التراثية في وضع هش يهدد قيمتها المعمارية والتاريخية.

ففي الوقت الذي يُعد فيه حي دار الباشا من الرموز المعمارية الباذخة للمدينة الحمراء، بما يضمه من دور فخمة وزوايا ومساجد ونقوش أندلسية نادرة، لا تزال الكثير من الورشات متوقفة أو منجزة بشكل جزئي، تاركة وراءها مشاهد من السقالات المهجورة والجدران نصف المرممة، في غياب تام للمتابعة التقنية والميدانية المنتظمة.

سكان الحي وأصحاب المحلات التجارية يعبرون عن تذمرهم من طول مدة الأشغال وتعثرها، مشيرين إلى أن بعض المباني كانت قد خضعت لعمليات ترميم أولية منذ أكثر من سنة، لكنّ المقاولات المكلفة غادرت دون استكمال المهام، تاركةً البنايات عرضة للرطوبة والانهيار الجزئي.


ويؤكد عدد من المهتمين بالتراث المراكشي أن هذا الوضع يطرح أسئلة حول مسؤولية الجهة المشرفة، سواء كانت مؤسسة العمران أو وزارة الثقافة أو وكالة إعادة تأهيل المدينة العتيقة، خصوصاً وأن البرنامج الملكي لإعادة تأهيل المآثر التاريخية خصّص ميزانيات ضخمة لإعادة الاعتبار للمدينة القديمة.

اللافت أن بعض المباني بدار الباشا، التي كانت إلى وقت قريب تحفاً عمرانية تستقطب الزوار والباحثين، باتت اليوم تُظهر تصدعات في الجدران والأسقف، فيما اختفت بعض العناصر الزخرفية الأصلية نتيجة الإهمال أو الترميم غير المهني.


هذا الوضع يهدد الهوية الجمالية للمكان الذي يُعتبر جزءاً من الذاكرة المراكشية، كما يحرم الحي من فرص جذب السياح والمهتمين بالمعمار المغربي الأصيل.

في ظل هذا التأخر، يطالب المجتمع المدني والساكنة المحلية بـتدخل عاجل للسلطات المختصة لإعادة تحريك الورشات المتوقفة، وتقييم مدى احترام معايير الترميم، وضمان أن تُستأنف الأشغال بمقاربة علمية تراعي الطابع التاريخي والمعماري للمنطقة.


كما دعت فعاليات جمعوية إلى تفعيل آلية المراقبة والمحاسبة بشأن الصفقات السابقة، حمايةً للمال العام وضمانًا لاستمرارية المشاريع وفق الرؤية الملكية الهادفة إلى صيانة التراث المادي واللامادي لمراكش.

دار الباشا ليست مجرد حي في المدينة القديمة، بل ذاكرة حيّة لحقبة من تاريخ المغرب، ومن غير المقبول أن تبقى مبانيه رهينة الإهمال الإداري أو تقاعس المقاولات. فترميم التراث لا يعني فقط تجميل الجدران، بل استعادة روح المكان التي تمثل هوية مراكش وعمقها التاريخي.

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

You may also like

جلسة عمومية مشتركة بين مجلسي البرلمان غدا الاثنين بخصوص القرار الأخير لمجلس الأمن حول القضية الوطنية

كلامكم يعقد البرلمان بمجلسيه، بعد غد الاثنين، جلسة