عشية انتصار المغرب، تصفية أم صدفة؟.. وفاة الجنرال بن عمار تكشف احتدام صراع الأجنحة داخل الجيش الجزائري

عشية انتصار المغرب، تصفية أم صدفة؟.. وفاة الجنرال بن عمار تكشف احتدام صراع الأجنحة داخل الجيش الجزائري

- ‎فيسياسة, في الواجهة
466
0

بقلم: نورالدين بازين

تعيش المؤسسة العسكرية الجزائرية على وقع زلزال داخلي صامت عقب الإعلان المفاجئ عن وفاة الجنرال بن عمار حسان، مفتش القوات الخاصة وأحد أكثر الشخصيات نفوذاً في المنظومة العسكرية. فالرجل لم يكن مجرد قائد ميداني، بل كان يُعتبر الذراع اليمنى للجنرال مصطفى سماعلي، قائد القوات البرية والمنافس الأبرز للجنرال السعيد شنقريحة، قائد أركان الجيش.

توقيت الوفاة وتداعياتها لا يمكن فصله عن التحولات السياسية الأخيرة في المنطقة، خصوصاً بعد القرار الأممي الأخير الصادر عن مجلس الأمن حول الصحراء المغربية، والذي شكّل انتصاراً دبلوماسياً حاسماً للمغرب، مقابل عزلة متزايدة للجزائر على الساحة الدولية.

وزارة الدفاع الجزائرية اكتفت ببيان مقتضب ينعي “الراحل بن عمار”، دون أي إشارة إلى ظروف أو أسباب الوفاة، ما فتح الباب أمام سيل من التأويلات داخل الأوساط العسكرية والإعلامية.
فشخصية الجنرال الراحل كانت محور تحولات داخلية مهمة، خاصة في ظل تصاعد نفوذ القوات الخاصة ودورها في موازنة قوة شنقريحة داخل القيادة العليا.

وفي غياب الرواية الرسمية المفصلة، اتجهت بعض القراءات إلى اعتبار الوفاة امتداداً لصراع خفي بين أجنحة النفوذ داخل الجيش الجزائري، في ظل تقارير غير معلنة عن وجود توجه داخل المؤسسة لتقليص سلطة شنقريحة تمهيداً لتغييرات هيكلية مرتقبة.

اللافت أن آخر ظهور رسمي للجنرال بن عمار كان خلال زيارة قائد العمليات الخاصة في القيادة الأمريكية لإفريقيا (أفريكوم)، الجنرال كلود تيودور، إلى الجزائر يوم 14 شتنبر الماضي، حيث التقى هذا الأخير بقيادات من الصف الثاني، في مقدمتهم سماعلي وبن عمار، بينما تم تجاهل شنقريحة بشكل لافت.
مصادر دبلوماسية حينها فسّرت اللقاء بأنه إشارة أمريكية ضمنية لإعادة ترتيب أولويات التعاون العسكري مع شخصيات أكثر دينامية داخل المؤسسة الجزائرية، ما أثار امتعاض الجناح الموالي لشنقريحة.

وتأتي هذه التطورات في وقت تواجه فيه الجزائر أزمة توازنات حادة بين الجيش والرئاسة، خاصة بعد بروز تناقضات في ملفات السياسة الخارجية والأمن الإقليمي.
وتُظهر المؤشرات أن الجيش الجزائري يعيش مرحلة انتقالية عسيرة، تتسم بتنازع المواقع بين أجيال من الضباط القدامى وشبكة القيادات الجديدة، التي تحاول إعادة تعريف دور المؤسسة في مرحلة ما بعد شنقريحة.

في المقابل، يواصل المغرب تعزيز حضوره الإقليمي والدولي في ملف الصحراء، عبر ترسيخ الاعترافات الدولية وخلق واقع ميداني تنموي في الأقاليم الجنوبية، وهو ما يزيد الضغط النفسي والسياسي على المؤسسة العسكرية الجزائرية التي جعلت من “القضية الصحراوية” ركيزة خطابها الداخلي منذ عقود.

ما بعد بن عمار.. مستقبل غامض داخل المؤسسة العسكرية

رحيل الجنرال بن عمار، بما يرمز إليه من موقع وتأثير، يمثل لحظة فراغ حرجة داخل المؤسسة العسكرية، خاصة في جهاز القوات الخاصة الذي كان يُعد القوة الموازنة في معادلة الجيش.
وتُطرح اليوم أسئلة ملحّة حول من سيملأ هذا الفراغ، وهل سيتحول الحدث إلى بداية مرحلة إعادة توزيع النفوذ بين مختلف الأجنحة؟ أم أنه مقدمة لتصعيد جديد قد يُسرّع من نهاية مرحلة شنقريحة؟

وفي قراءة أوسع، تعكس هذه الحادثة تسارع تفكك النظام العسكري التقليدي في الجزائر، الذي ظل قائماً على منطق الولاءات القديمة والتوازن بين الأجهزة.
فوفاة بن عمار ليست مجرد حدث فردي، بل مؤشر على تآكل الانسجام الداخلي داخل المؤسسة الأكثر حساسية في البلاد، خصوصاً في سياق تراجع الدور الإقليمي للجزائر أمام صعود النفوذ المغربي المتزايد بعد القرار الأممي الأخير.

لقد بدأ ميزان القوة في الجزائر يميل نحو إعادة ترتيب غير معلن، فيما تبقى وفاة الجنرال بن عمار عنواناً لمرحلة رمادية يعيشها الجيش الجزائري، بين صراع السلطة وصمت الحقيقة.

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

You may also like

مبادرة الحكم الذاتي.. رؤية ملكية جعلت من الصحراء المغربية مشروع دولة لا ورقة نزاع

هيئة التحرير تُعدّ رؤية جلالة الملك محمد السادس،