الرؤية الملكية لقضية الصحراء المغربية.. دبلوماسية الحكمة والواقعية

الرؤية الملكية لقضية الصحراء المغربية.. دبلوماسية الحكمة والواقعية

- ‎فيرأي
169
0

طارق اعراب

منذ اعتلائه عرش المملكة، حرص جلالة الملك محمد السادس على التعامل مع ملف الصحراء المغربية برؤية جديدة تقوم على الإنصاف والموضوعية والواقعية، واضعاً بذلك أسس مقاربة استراتيجية بعيدة عن منطق الصراع الجامد، ومبنية على منطق الحلول العملية القابلة للتنفيذ.

وتُرجمت هذه الرؤية المتبصرة سنة 2007 بإطلاق مقترح الحكم الذاتي، الذي شكّل نقطة تحول مفصلية في مسار التسوية، بعدما وصفته قرارات مجلس الأمن الدولي المتعاقبة بأنه مقترح جدي وذي مصداقية، يضمن حكماً ذاتياً موسعاً لساكنة الأقاليم الجنوبية في إطار احترام السيادة الوطنية والوحدة الترابية للمملكة.

وفي موازاة ذلك، اعتمدت الدبلوماسية المغربية بقيادة الملك محمد السادس على تنويع الشراكات الاقتصادية والسياسية، وتعزيز الروابط الدينية والاجتماعية، وفق رؤية تقوم على التعاون جنوب-جنوب والوضوح في المواقف، لتجعل من قضية الصحراء بوصلتها الأساسية في علاقاتها الخارجية.

وجاءت عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي سنة 2017 تتويجاً لهذه السياسة الحكيمة، إذ مكنت المملكة من استعادة مكانتها داخل فضائها القاري الطبيعي، ومن تعزيز حضورها السياسي والدبلوماسي في الدفاع عن مغربية الصحراء، مع إنهاء مرحلة استغلال المنظمة القارية من قبل خصوم الوحدة الترابية. كما ساهم هذا التوجه في جعل الأقاليم الجنوبية قطباً اقتصادياً وتنموياً يحتذى به في القارة الإفريقية.

وأثمرت هذه الرؤية عن تغير ملموس في مواقف القوى الدولية الكبرى، حيث أكدت الولايات المتحدة الأمريكية اعترافها بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، وعبّرت فرنسا وبريطانيا عن دعمهما للحكم الذاتي، بينما شددت روسيا على رفض أي تأويل متعسف للقانون الدولي يعرقل الحل السياسي، وأكدت الصين بدورها دعمها لحل سياسي عادل ودائم ومتوافق عليه.

وتعززت هذه الدينامية بافتتاح أكثر من ثلاثين قنصلية عربية وإفريقية وآسيوية وأمريكية في مدينتي العيون والداخلة، إلى جانب تأييد أكثر من 120 دولة لمقترح الحكم الذاتي باعتباره الحل الأكثر واقعية ومصداقية لإنهاء هذا النزاع الإقليمي الذي استمر لنصف قرن.

إن هذا الزخم الدولي لم يكن وليد الصدفة، بل هو نتاج دبلوماسية ملكية هادئة ومستمرة، استطاعت على مدى ربع قرن أن تُقنع العالم بعدالة الموقف المغربي ومشروعية مبادرته، لتجعل من الصحراء المغربية رمزاً للوحدة والتنمية، لا مجالاً للصراع والانقسام.

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

You may also like

عشية انتصار المغرب، تصفية أم صدفة؟.. وفاة الجنرال بن عمار تكشف احتدام صراع الأجنحة داخل الجيش الجزائري

بقلم: نورالدين بازين تعيش المؤسسة العسكرية الجزائرية على