هيئة التحرير
مجموعة مدارس دار باقة بجماعة أولاد حسون تواصل منذ أكثر من سبعة عقود كتابة فصل مضيء من تاريخ التعليم القروي بجهة مراكش آسفي، لتصبح صرحا تربويا عريقا ومعلمة من معالم الذاكرة التعليمية بالمنطقة. فمنذ تأسيسها سنة 1952، لم تكن مجرد مؤسسة لتلقين الدروس، بل فضاء تربويا يغرس قيم المواطنة والانفتاح والتميز في نفوس الأجيال المتعاقبة، مدرسة للحياة والقيم قبل أن تكون فضاء للتعلم، جمعت بين الأصالة في رسالتها والتجديد في ممارساتها، فصارت بحق ذاكرة تربوية نابضة تستحق أن يُشاد بها كنموذج يحتذى في التربية والتنمية المستدامة.

وتتوفر مجموعة مدارس دار باقة على مرافق متكاملة لخدمة المتعلم، تضم إدارة تربوية فعالة تسهر على التدبير اليومي للشأن التعليمي والإداري، وأرشيفا يوثق لمسار المؤسسة عبر عقود من الزمن، إلى جانب قاعة للموارد والدعم لمواكبة المتعلمين المتعثرين، وفضاء مخصصا للتعليم الأولي يهتم بتنشئة الأطفال في بداياتهم الدراسية، وقاعة للإسعافات الأولية مجهزة لضمان سلامة التلاميذ، ومرافق صحية نظيفة ومهيأة تراعي شروط الراحة والنظافة، فضلا عن ساحة فسيحة تحتضن مختلف الأنشطة وتتميز بتنوعها الإيكولوجي الذي يعكس الحس البيئي لدى المدرسة.

ويحفل تاريخ المؤسسة بسجل مشرف من الجوائز والألقاب، من بينها الكأس الفضية للبطولة الوطنية لكرة السلة إناث سنة 1987، والرتبة الثالثة في البطولة الوطنية لكرة القدم سنة 2000، وشهادة المؤسسة المواطنة سنة 1999 تقديرا لمساهمتها في ترسيخ قيم المواطنة، إضافة إلى حصولها على الدرع البرونزية ضمن برنامج المدارس الإيكولوجية لمؤسسة محمد السادس لحماية البيئة خلال الموسم 2023-2024، ثم الدرع الفضية في الموسم الموالي 2024-2025، اعترافا بجهودها في التربية البيئية ونشر الوعي الإيكولوجي.

كما تزخر المؤسسة بعدد من الأندية التربوية النشيطة التي تعزز روح المبادرة والإبداع لدى المتعلمين، منها النادي البيئي الذي يعمل على ترسيخ السلوك الإيكولوجي، ونادي اقرأ وارتق الذي يشجع على القراءة والإبداع الأدبي، والنادي الرياضي والصحي الذي ينمي قيم التعاون والانضباط، إلى جانب النادي الفني والثقافي الذي يتيح للتلاميذ التعبير عن مواهبهم الفنية. وقد تميزت هذه الأندية بمشاركات وطنية متميزة، من بينها مسابقة ألوان القدس التي نظمتها مؤسسة بيت مال القدس الشريف بتنسيق مع الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بمراكش آسفي، إضافة إلى مشاركاتها في برامج مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة.

وتُعد مجموعة مدارس دار باقة مؤسسة صديقة للبيئة ورائدة في الممارسات الخضراء، إذ تعتمد مقاربة بيئية عملية تجسد مفهوم المدرسة المستدامة، من خلال فرز النفايات وتشجيع إعادة التدوير، وتوظيف مياه الشرب في سقي الحدائق بنظام التنقيط، واعتماد مصابيح تعمل بالطاقة الشمسية لإضاءة الساحة ليلا، مما جعلها نموذجا يحتذى على صعيد المديرية الإقليمية لمراكش في مجال التربية البيئية والتنمية المستدامة.

لقد أثبتت مجموعة مدارس دار باقة على مدى أكثر من سبعة عقود أنها ليست مجرد مؤسسة تعليمية، بل ذاكرة حية للتعليم القروي بجماعة أولاد حسون، ورمز من رموز المدرسة المغربية الأصيلة، كما تظل في حاجة إلى مزيد من الدعم والرعاية من الجهات الوصية حتى تواصل أداء رسالتها التربوية النبيلة في تربية الأجيال وصون قيم المواطنة والانتماء.
