هيئة التحرير
في إطار الاحتفال باليوم العالمي للمدن، الذي يُصادف يوم 31 أكتوبر 2025، والذي ستحتضنه مدينة بوغوتا هذا العام تحت شعار “المدن الذكية المتمحورة حول الإنسان”، تنظم المديرية الجهوية للإسكان وسياسة المدينة والمفتشية الجهوية للتعمير والهندسة المعمارية وإعداد التراب الوطني بجهة مراكش-آسفي، بتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (UN-Habitat)، يوماً دولياً للدراسة تحت عنوان:
“السكن الذكي والرفاه الإنساني: إعادة التفكير في مدينة الغد”
وسيُعقد هذا اللقاء يوم الثلاثاء 28 أكتوبر 2025، بمقر المفتشية والمديريات الجهوية بمراكش، من الساعة العاشرة صباحاً إلى الواحدة بعد الزوال، بمشاركة عدد من الخبراء والباحثين من جامعات بيزا، بادوفا وبارما بإيطاليا.
ويهدف هذا اليوم الدراسي إلى تعميق النقاش حول مستقبل المدن الذكية والمستدامة، وتبادل التجارب في مجال التخطيط العمراني الإنساني، بما يضمن تحقيق التوازن بين التطور التكنولوجي والرفاه البشري. كما يسعى إلى تعزيز التعاون الأكاديمي والمؤسساتي بين المغرب وشركائه الدوليين، في أفق بناء مدن أكثر شمولاً وابتكاراً واستدامة، تُراعي حاجات الإنسان وتُرسخ قيم العيش المشترك وجودة الحياة.
وخلال الندوة دولية ستحتضنتها مراكش يوم الثلاثاء 28 أكتوبر 2025، يقدّم عبد الغني الطيبي المفتشً الجهويً للتعمير والهندسة المعمارية وإعداد التراب الوطني على مستوى جهة مراكش–آسفي، في ورقة تقديمية تتوفر كلامكم عليها، تصورًا مغايرًا لما يُعرف بـ“المدينة الذكية”، معتبرًا أن الذكاء الحقيقي للمدن ليس في كثرة الأجهزة أو الأنظمة الرقمية، بل في قدرتها على الإصغاء لسكانها، وفهم حاجاتهم، وتحسين جودة حياتهم اليومية.
ويؤكد الطيبي في هذه الورقة أن التحدي الحضري اليوم لا يكمن في التوسع أو البهرجة العمرانية، بل في إعادة التوازن بين الإنسان والمجال، داعيًا إلى اعتماد مقاربة تشاركية تجعل المواطن شريكًا في صياغة الحلول بدل أن يكون مجرد متلقٍ لها.
ويشدد المتحدث على أن المدينة الإنسانية هي التي توفر الأمن النفسي والجسدي، وتنظم التنقل بشكل هادئ وشامل، وتضمن راحة مناخية واجتماعية عبر التشجير، وتوفير الظل، واستعمال المواد المحلية، مع إعادة الاعتبار للفضاء العام كفضاء للتفاعل والعيش المشترك.
كما يدعو إلى تجاوز النموذج التكنولوجي المكلف، نحو ما أسماه “البساطة السعيدة والمبدعة”، أي مدينة تبتكر من مواردها المحلية، وتبني بحكمة واعتدال دون إسراف أو تبذير، معتبرًا أن الرفاه لا يتحقق بالإنفاق بل بالانسجام بين الإنسان ومحيطه.
كما يؤكد الطيبي أن جهة مراكش-آسفي قادرة على أن تكون مختبرًا وطنيا للمدينة الإنسانية، عبر مشاريع واقعية تُعنى بإعادة إسكان الأسر، وتأهيل الأحياء القديمة، وتثمين المراكز القروية، برؤية تجعل الإنسان في قلب التخطيط الترابي.
ويعتبر أن بناء المدينة الإنسانية ليس حلما بعيد المنال، بل هو ورشة مفتوحة تتطلب ذكاءً جماعيًا وتنسيقًا مؤسساتيًا، لأن “المدن التي تُصغي لسكانها هي وحدها التي تستحق أن تُوصف بالذكية”.