طارق اعراب
يشهد المغرب خلال الأسابيع المقبلة حدثًا كرويًا استثنائيًا مع اقتراب انطلاق نهائيات كأس إفريقيا للأمم، حيث تستعد جماهير من أكثر من مائة وخمس وثلاثين دولة حول العالم للحضور ومتابعة المباريات من المدرجات المغربية، في مشهد غير مسبوق في تاريخ البطولة القارية. هذا الإقبال الكبير يعكس المكانة التي أصبح يتمتع بها المغرب كوجهة رياضية عالمية قادرة على تنظيم كبرى التظاهرات بمعايير احترافية تجمع بين الدقة والتنظيم وجودة البنية التحتية.
المغرب اليوم في ثوب جديد، ملاعبه جاهزة، ومدنه الكبرى تتهيأ لاستقبال الآلاف من المشجعين الذين سيحملون معهم ألوان بلدانهم وثقافاتهم المختلفة. من الرباط إلى طنجة، ومن مراكش إلى أكادير، تتزين الملاعب بالأعلام واللافتات، وتستعد لاستضافة مباريات ستجعل من كأس إفريقيا نسخة استثنائية بكل المقاييس. الأرقام المسجلة حتى الآن غير مسبوقة، إذ تم بيع ما يزيد عن مائتين وخمسين ألف تذكرة في الدفعة الأولى فقط، وشهدت البوابة الإلكترونية إقبالًا واسعًا من جماهير من خارج القارة، من أوروبا وآسيا وحتى أمريكا اللاتينية، ما يجعل الحدث أكبر من مجرد بطولة قارية، بل احتفالًا عالميًا بالكرة الإفريقية على الأراضي المغربية.
المشجعون الذين سيملؤون المدرجات لن يكونوا فقط من محبي المنتخبات الإفريقية، بل أيضًا عشاق كرة القدم الذين جاؤوا للاستمتاع بالأجواء المغربية المميزة، حيث تمتزج الحماسة الرياضية بالضيافة الدافئة والتراث الثقافي الغني. الأجواء في الملاعب ستعكس صورة جميلة عن تنوع إفريقيا وتلاحم شعوبها، وستتحول المدرجات إلى لوحة إنسانية تصدح فيها الهتافات بلغات متعددة، وتلتقي فيها الأعلام تحت شعار واحد هو حب كرة القدم.
التحضير لهذا الحدث الكبير لم يكن وليد اللحظة، بل ثمرة سنوات من العمل الجاد والاستثمار في البنية التحتية. فقد تم تحديث ملاعب كبرى مثل مولاي عبد الله بالرباط وملعب طنجة الكبير وملعب مراكش وملعب أكادير، إلى جانب تجهيز ملاعب جديدة مثل ملعب البريد وملعب مولاي الحسن، التي صُممت لتقديم تجربة جماهيرية مريحة وآمنة بمعايير حديثة.
من خلال هذه البطولة، يقدم المغرب نموذجًا ناجحًا في إدارة وتنظيم الأحداث الكبرى، ورسالة واضحة إلى العالم مفادها أن إفريقيا قادرة على احتضان تظاهرات عالمية في أجواء من الاحتراف والتطور. إنها لحظة فخر للمغاربة، وفرصة لإبراز صورة إيجابية عن القارة الإفريقية بأسرها، حيث تتحول كرة القدم إلى جسر للتواصل والمحبة بين الشعوب. كأس إفريقيا في المغرب لن تكون مجرد منافسة رياضية، بل احتفالًا بالروح الإفريقية، ورسالة أمل من أرض المغرب إلى العالم بأن الرياضة قادرة على توحيد القلوب قبل الألقاب.