الانتخابات كما يجب أن تكون: وعي، مشاركة، مسؤولية ومساءلة

الانتخابات كما يجب أن تكون: وعي، مشاركة، مسؤولية ومساءلة

- ‎فيرأي
384
0

أنس غفاري

الانتخابات ليست مجرد موسم للشعارات، الملصقات و التسابق على الكراسي، بل فرصة حقيقية لصناعة القرار وبناء مجتمع واعٍ. في المدن المغربية، نواجه تحديات متعددة: ضعف مشاركة الشباب والنساء، غياب الشفافية في البرامج، وتراجع التواصل بين المواطن والمرشح، إضافة للحملات التقليدية المهدرة للورق والموارد.

لكنها أيضًا فرصة لإعادة تعريف السياسة: حملات ذكية ومستدامة، تضع البيئة ضمن الأولويات، تشرك الشباب والنساء، تتيح منصات تواصل حقيقية، وتعزز مساءلة المنتخبين بعد الفوز. هذا هو الاختبار الحقيقي للوعي، فهل سنختار المرشحين والشعارات أم سنختار المشاركة الواعية والمساءلة المسؤولة؟

حملات انتخابية نظيفة وفعالة

الورق المطبوع أصبح من وسائل التواصل المتقادمة، فالأوراق المهدرة لا تؤثر على الناخب بقدر ما تلوث المدينة. الحل؟ الوسائل الرقمية المبتكرة، مثل اللوحات الإلكترونية المحمولة على الدراجات الهوائية أو الحقائب الذكية، التي تعرض البرامج واللوائح بطريقة جذابة ونظيفة.
هذه الطريقة لا تحمي البيئة فحسب، بل تمنح الحملات روحًا عصرية، ويجعل المرشح يظهر بمظهر المسؤول والمواكب للتطور.

الشباب… هم القلب النابض للعملية الانتخابية

الشباب ليسوا مجرد أسماء في اللوائح، بل هم صلة الوصل بين المواطنين والأحزاب. من الضروري مراجعة تمثيلية الشباب في الأحزاب لضمان حضور صوتهم من كل حي، وأن يعرفوا أنهم  قادرون على نقل احتياجات المواطنين، أو اقتراح حلول عملية لمشاكل أحيائهم، ولو لم تمنحهم الأحزاب التزكية، فيطمئنوا أن  انخراطهم الإيجابي بالحزب يكفيهم. فالمشاركة الشبابية تجعل الحملات أكثر ديناميكية وواقعية بعيدا عن هاجز التزكية.

التواصل المستمر مع المواطنين

الحملة الانتخابية لا تنتهي مع إعلان النتائج. يجب إحداث خلايا تواصل محلية في كل مدينة ومقاطعة، توفر للمواطنين وسيلة مباشرة للتواصل مع المنتخبين، سواء أعضاء المجالس أو النواب. هذا التواصل المباشر يعيد الثقة بين الناخب والمنتخب، ويحوّل العملية السياسية إلى ممارسة يومية وليست موسمًا مؤقتًا.

الشفافية والمناظرات… أدوات القرار الواعي

الناخب يحتاج لمعلومات واضحة قبل اتخاذ قراره. لذلك يجب نشر البرامج الانتخابية إلكترونيًا عبر مواقع رسمية أو تطبيقات موحدة، مما يتيح للمواطنين المقارنة بين المرشحين بسهولة.
كما أن تنظيم مناظرات علنية أو رقمية يعزز النقاش الموضوعي ويبعد الحملات عن الدعاية الفارغة، ويجعل الناخب محور الاهتمام بدل الشعارات الرنانة.

المتطوعون: سفراء الحملة

نجاح أي حملة لا يقاس بعدد اللافتات أو التجمعات، بل بسلوك المتطوعين. من الضروري تدريب المتطوعين على قيم الحوار، احترام الخصوصية، ونبذ الخطاب العدائي، لتصبح الحملة نفسها نموذجًا للمواطنة الفاعلة، ويشعر المواطن بالاحترام والثقة.

إشراك النساء والشباب ركيزة الديمقراطية

لا يمكن لأي عملية انتخابية أن تكون ناضجة دون مشاركة فعالة للنساء والشباب. هم طاقة المجتمع وصوت المستقبل، ويجب تحفيزهم على التصويت والترشح من خلال حملات استقطاب للطاقات الشابة عن طريق شبيبة الحزب مؤطرة من المكتب السياسي للحزب، لضمان أن تكون الديمقراطية ممثلة للجميع وليس لفئة واحدة فقط.

متابعة أداء المنتخبين بعد الفوز

الالتزام السياسي لا ينتهي عند الفوز بالانتخابات، بل يبدأ بعده. آليات تقييم أداء المنتخبين إلكترونيًا تمكن المواطنين من متابعة مدى التزام ممثليهم بوعودهم من خلال تنقيط يمنح عبر المواقع الالكترونية للأحزاب لكل منتخب او نائب (بعد الادلاء بمعلومات من يبدي رأيه أو تنقيطه أو ملاحظاته)وذلك لترسخ ثقافة المحاسبة والمسؤولية السياسية.

 

الخطاب الإيجابي أساس الثقة

الابتعاد عن الاتهامات والهجمات الشخصية والتركيز على المقترحات الواقعية يجعل من السياسة ممارسة أكثر احترامًا ويعيد ثقة المواطن بالعملية الانتخابية؛ فماذا يستفيد المواطن من مهاجمة مرشح جديد للانتخابات لمنتخب المنطقة خلال الحملة؟  الخطاب الإيجابي هو حجر الأساس لأي ممارسة سياسية ناضجة.

البعد الإسلامي: العمل الصالح أساس المسؤولية

في الإسلام، العمل الصالح والالتزام بالمسؤولية الفردية والجماعية قيمة أساسية. يقول الله تعالى:
“فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ” [الزلزلة: 7-8].
وهذا يشمل كل أعمالنا، بما فيها المشاركة السياسية، حيث يتحمل كل ناخب ومرشح مسؤولية خياراته وأفعاله، ويُحاسب عليها أمام الله. ممارسة السياسة بنزاهة ووعي هي عمل صالح ينعكس خيره على المجتمع بأكمله.

الديمقراطية الحقيقية ليست مجرد شعارات أو أوراق دعائية، بل وعي المواطن والممارسات النزيهة للفاعلين السياسيين. عندما نحترم البيئة، ونستمع للشباب، ونلتزم بالشفافية والمساءلة، نصنع انتخابات نظيفة بفكر نظيف، وتصبح العملية السياسية فرصة لبناء مجتمع واعٍ ومسؤول، وتحقيق الأمل في مستقبل مشرق.

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

You may also like

وزارة الفلاحة تطلق عملية صرف الدعم المباشر لمربي الماشية بالمغرب ابتداءً من نونبر 2025

حكيم شيبوب أعلنت وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية