تنزيل التوجيهات الملكية السامية.. نحو تجسيد أولويات المرحلة التنموية الجديدة

تنزيل التوجيهات الملكية السامية.. نحو تجسيد أولويات المرحلة التنموية الجديدة

- ‎فيسياسة, في الواجهة
213
0

خولة العدراوي

يشهد المغرب اليوم مرحلة مفصلية في مسار الإصلاح والتنمية، قوامها تنزيل التوجيهات الملكية السامية وتجسيد أولويات النموذج التنموي الجديد على أرض الواقع، بما يعزز الانتقال من التخطيط إلى الفعل، ومن التصورات إلى الإنجاز الملموس في حياة المواطن.

لقد أكد الخطاب الملكي السامي بمناسبة عيد العرش لسنة 2025، وكذا خطاب افتتاح السنة التشريعية، على أن المملكة دخلت فعلاً مرحلة جديدة من البناء التنموي، تقوم على العدالة المجالية، والنجاعة في الأثر، وتثمين الخصوصيات المحلية، في إطار تنمية ترابية مندمجة تجعل الإنسان في صلب كل السياسات العمومية.

1. الجهوية المتقدمة.. العمود الفقري للنموذج التنموي الجديد

في قلب هذه الرؤية الملكية، تتجلى الجهوية المتقدمة كخيار استراتيجي لا رجعة فيه، وكرهان أساسي لتحقيق تنمية شاملة وعادلة. فالجهات اليوم لم تعد مجرد وحدات إدارية، بل أضحت فضاءات استراتيجية للإنتاج والتدبير والتنمية.
المرحلة المقبلة، كما جاء في التوجيهات الملكية، تتطلب تسريع تفعيل ورش الجهوية، بتمكين الجهات من صلاحياتها الكاملة في التخطيط والتمويل والتنفيذ، في انسجام مع النموذج التنموي الجديد وأدوات التخطيط الاستراتيجي الوطني.

الجهوية هنا ليست فقط شكلاً من اللامركزية، بل هي رافعة للعدالة المجالية وتقريب القرار التنموي من المواطن، ووسيلة لتثمين المؤهلات الاقتصادية والطبيعية والبشرية لكل جهة.
ولتحقيق هذه الغاية، أصبح من الضروري اعتماد مقاربة تشاركية موسعة تشمل المنتخبين، والمصالح اللاممركزة، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني، لصياغة برامج جهوية مبنية على تشخيص دقيق وبيانات محينة، تُعنى بالفئات ذات الأولوية والمناطق الأكثر هشاشة.

2. التشغيل.. في قلب الأولويات الملكية الجديدة

يحتل ملف التشغيل، خصوصاً تشغيل الشباب، مكانة مركزية ضمن أولويات المرحلة التنموية الجديدة. فوفق الرؤية الملكية، العمل اللائق هو بوابة الكرامة، والمفتاح الحقيقي للاندماج الاقتصادي والاجتماعي.
ولذلك، أصبح مطلوباً إدماج التشغيل بشكل عرضاني في جميع البرامج الترابية، عبر تحديد مشاريع ذات أثر مباشر على خلق فرص الشغل، مستندة إلى الإمكانات الاقتصادية المحلية وخصوصيات كل مجال ترابي.

تفعيل هذه الرؤية يمر عبر اعتماد جيل جديد من الآليات الإنتاجية التي تربط بين التكوين، والاستثمار، والإنتاج، مع تحفيز المبادرات المقاولاتية المحلية، ودعم المشاريع الصغرى والمتوسطة، وتبسيط مساطر التمويل والمواكبة والتوجيه.

كما أن تفعيل ميثاق الاستثمار الجديد يشكل رافعة مركزية لدعم المقاولات المحدثة لفرص العمل، خصوصاً في العالم القروي والمناطق الصاعدة، انسجاماً مع التوجه الملكي الرامي إلى تحقيق عدالة اقتصادية ومجالية مستدامة.

3. من الرؤية إلى التنفيذ.. مسؤولية جماعية لبناء المستقبل

إن تنزيل التوجيهات الملكية السامية لا يمكن أن يتم إلا عبر تعبئة جماعية ومسؤولية مشتركة بين الدولة بمؤسساتها المركزية والجهوية، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني، والمواطنين.
إنها لحظة وعي جماعي بأن التنمية ليست قرارات من فوق فقط، بل فعل جماعي من الأسفل إلى الأعلى، وأن نجاح النموذج التنموي الجديد يقاس بقدر ما يلمسه المواطن من تحسن في جودة الخدمات، وتوازن في الفرص، وعدالة في التنمية.

اليوم، يكتب المغرب صفحة جديدة في تاريخه التنموي، يقودها جلالة الملك محمد السادس نصره الله، برؤية استباقية تُزاوج بين الواقعية والطموح، وبين الإنجاز المحلي والانخراط العالمي.
والمطلوب من الجميع أن يكونوا في مستوى هذا الرهان، حتى تتحول التوجيهات الملكية إلى أفعال ميدانية ترسم ملامح مغرب العدالة المجالية، والإنتاجية، والكرامة.

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

You may also like

إصلاحات ملكية تعزز الأمن السيبراني والبحث العلمي داخل الجيش المغربي

طارق واعراب صادق المجلس الوزاري، الذي ترأسه جلالة