محمد خالد
في سياق التحولات السياسية التي يعيشها المغرب، تتجه الأنظار إلى مشاريع القوانين التنظيمية الجديدة التي تمت المصادقة عليها ضمن التحضير للمسلسل الانتخابي لسنة 2026، والتي تعكس رؤية إصلاحية متقدمة تروم إعادة الاعتبار للفعل السياسي وفتح المجال أمام جيل جديد من الكفاءات الشابة للمشاركة في صناعة القرار.
فمن خلال هذه الإصلاحات، تتجلى إرادة واضحة في تجديد النخب السياسية وضمان تداول فعلي للثقة والمسؤولية بين الأجيال، إذ تمحورت أبرز المستجدات حول تمكين الشباب وإزالة العوائق التي لطالما حالت دون انخراطهم في العمل الحزبي والانتخابي.
ولعل أبرز الإجراءات التي جاءت بها مشاريع القوانين، هي إقرار تحفيز مالي مباشر لفائدة المترشحين الشباب الذين لا تتجاوز أعمارهم 35 سنة، سواء كانوا من مرشحي الأحزاب أو المستقلين. ويغطي هذا الدعم ما يصل إلى 75 في المئة من مصاريف الحملة الانتخابية، وهو ما يشكل خطوة عملية غير مسبوقة لمساعدة الشباب على تجاوز العائق المالي الذي كان من أكثر الأسباب تهميشاً لمشاركتهم السياسية.
كما تم تبسيط شروط الترشح للمستقلين، باعتماد معايير محددة وواضحة تضمن الجدية والشفافية، دون تعقيد أو عراقيل بيروقراطية، الأمر الذي من شأنه أن يفتح الباب أمام الطاقات الشابة والطموحة لتقديم نفسها كبديل حقيقي داخل المشهد الانتخابي.
هذه التدابير تعكس توجهاً استراتيجياً للدولة نحو بناء ديمقراطية تشاركية أكثر شمولاً، حيث لم يعد الانخراط السياسي حكراً على النخب التقليدية، بل أصبح حقاً وفرصة متاحة لكل شاب يمتلك الكفاءة والإرادة لخدمة الصالح العام.
ويُجمع المراقبون على أن هذه الخطوة تشكل تحولاً نوعياً في الثقافة السياسية المغربية، إذ تسعى إلى استعادة ثقة الشباب في المؤسسات المنتخبة وخلق دينامية جديدة في الحياة الحزبية، قوامها المسؤولية، والمواطنة، والمبادرة.
إنه إصلاح سياسي بمضمون اجتماعي وتنموي، يعيد الاعتبار لدور الشباب كقوة اقتراحية وبانية للمستقبل، ويضع المغرب على سكة انتخابات 2026 بروح جديدة، قوامها الشفافية، والتكافؤ، وتجديد الثقة في السياسة كأداة للتغيير والإصلاح.