سمية العابر
الحكومة تسرّع وتيرة السكن وتطلق خطة خماسية للقضاء على آخر “البراريك”
أعلنت فاطمة الزهراء المنصوري، وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، عن مرحلة جديدة في سياسة الدولة المتعلقة بالسكن، مؤكدة أن الحكومة دخلت في سباق حقيقي مع الزمن لإنهاء عهد السكن غير اللائق عبر خطة خماسية طموحة تمتد من 2024 إلى 2028، تستهدف القضاء على ما تبقى من دور الصفيح وتحسين ظروف عيش آلاف الأسر المغربية.
المنصوري، التي كانت تتحدث خلال جلسة للأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين، أوضحت أن الوزارة حققت خلال السنوات الأربع الأخيرة من الولاية الحالية نتائج ملموسة، تمثلت في تحسين ظروف عيش نحو مليون مواطن وتقليص العجز السكني من 326 ألف وحدة سنة 2021 إلى 270 ألف وحدة مع نهاية 2024. وأبرزت أن الوزارة تمكنت من تحسين ظروف سكن 94 ألف أسرة سنوياً، بزيادة 25 في المئة مقارنة بالولاية الحكومية السابقة، معتبرة أن هذا التطور يعكس بداية تحول هيكلي حقيقي في سياسات الإسكان بالمغرب.
وفي ما يتعلق ببرنامج الدعم المباشر للسكن، أكدت الوزيرة أن الإقبال عليه فاق كل التوقعات، حيث بلغ عدد الطلبات المسجلة إلى حدود 13 أكتوبر الجاري 167,723 طلباً، استفاد منها 68,332 شخصاً، موضحة أن الشباب دون سن الأربعين يمثلون 63 في المئة من المستفيدين، والنساء 46 في المئة، والمغاربة المقيمون بالخارج 24 في المئة، مع ارتفاع معدل الاستفادة الشهرية من 2,400 إلى 3,600 مستفيد شهرياً.
المنصوري أشارت أيضاً إلى أن برنامج “مدن بدون صفيح”، الذي انطلق عام 2004، مكن حتى شتنبر 2025 من تحسين ظروف عيش 370,384 أسرة وإعلان 62 مدينة ومركزاً حضرياً بدون صفيح، بكلفة إجمالية تجاوزت 63 مليار درهم. وأضافت أن وتيرة التدخل تسارعت بشكل واضح خلال الولاية الحالية ليستفيد 18 ألف أسرة سنوياً مقابل 6,200 في الفترة السابقة، بفضل اعتماد مقاربة إعادة الإسكان بدل الترحيل.
وفي هذا السياق، أعلنت الوزيرة عن إطلاق مخطط خماسي جديد للفترة ما بين 2024 و2028 يستهدف 120 ألف أسرة بهدف القضاء النهائي على ما تبقى من الأحياء الصفيحية، معتمداً على هندسة مالية جديدة وشراكة فعالة مع القطاع الخاص. كما كشفت عن توقيع 130 اتفاقية شراكة لإدماج الأحياء الناقصة التجهيز في النسيج الحضري، بتكلفة 6.5 مليار درهم، ما سيحسن ظروف عيش نحو 420 ألف أسرة.
وأكدت المنصوري أن برامج السكن الاجتماعي ومنخفض التكلفة عرفت بدورها تقدماً ملموساً، إذ تم إنجاز 751,202 وحدة سكن اجتماعي و30,466 وحدة منخفضة التكلفة إلى حدود يوليوز 2025، مشيرة إلى أن هذه البرامج ضخت استثمارات تفوق 30 مليار درهم في السوق العقارية ضمن برنامج الدعم المباشر وحده.
بهذه الدينامية، تسعى الحكومة إلى إغلاق ملف “البراريك” نهائياً، في خطوة تعدّ تتويجاً لمسار إصلاحي طويل في مجال السكن، يجسد الرؤية الملكية الرامية إلى جعل السكن اللائق ركيزة أساسية للكرامة الإنسانية والتنمية الحضرية المستدامة. غير أن الرهان الأكبر سيظل في ضمان استمرارية هذا الزخم الإصلاحي وتوسيع أثره ليشمل كل الفئات والمجالات، حتى لا يبقى الحق في السكن شعاراً ظرفياً بل واقعاً ملموساً في كل أنحاء المملكة.