حكيم شيبوب
في خطوة أثارت الكثير من علامات الاستفهام داخل الأوساط المحلية، قرّر رئيس جماعة سعادة تخصيص مبلغ 122 مليون سنتيم لإصلاح مقر الجماعة، في وقتٍ تتطلع فيه الساكنة إلى مشاريع تنموية واجتماعية تمسّ حياتها اليومية بشكل مباشر.
القرار يبدو منفصلاً تماماً عن التوجه العام الذي رسمته الخطب الملكية السامية، والتي تدعو بوضوح إلى توجيه الموارد العمومية نحو تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، والنهوض بالمناطق الهشة، وتحقيق العدالة الاجتماعية. غير أن رئيس جماعة سعادة اختار أن يجعل من تحسين البناية الإدارية أولوية قصوى، في تجاهلٍ واضح لحاجيات المواطنين.
وتساءلت فعاليات جمعوية عن الجدوى من صرف هذا المبلغ الكبير على المكاتب والجدران، في حين تفتقر الجماعة إلى دور شباب وملاعب للقرب وفضاءات ترفيهية وثقافية ومدارس تعيش الإكتظاظ بسبب غياب حجرات دراسية إضافية تُعطي للأبناء أملاً في غدٍ أفضل. فبينما تنتظر الأسر من المجلس المحلي مبادرات تُنقذ أبناءها من البطالة والانحراف، يجد المواطن نفسه أمام مشاريع شكلية لا تقدم حلولاً ملموسة.
ويؤاخذ المتتبعون على رئيس الجماعة كونه يجمع بين عدة مسؤوليات — من رئاسة الجماعة إلى عضوية مجموعة الجماعات للنقل ومجلس الجهة — دون أن ينعكس ذلك على واقع التنمية المحلية. فالمشاريع غائبة، والنقل شبه منعدم، والبنية التحتية في وضع لا يليق بموقع الجماعة القريب من مدينة مراكش.
ويخشى العديد من سكان سعادة أن يتحول هذا المشروع إلى مجرد عملية “تجميلية” في زمنٍ تحتاج فيه المنطقة إلى إنعاشٍ حقيقي في التعليم، والرياضة، والخدمات الأساسية. فالساكنة كانت تنتظر مشاريع تفتح الآفاق لا مكاتب جديدة تُغلق الأبواب أمام تطلعاتها.
إن تخصيص 122 مليون سنتيم لإصلاح مقر جماعة يضع أكثر من علامة استفهام حول ترتيب الأولويات في التسيير المحلي، ويفتح النقاش من جديد حول الحاجة إلى ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتوجيه المال العام نحو التنمية الحقيقية لا نحو تحسين الواجهة الإدارية.