مليكة الزخنيني… صوت الحكمة والجرأة في برلمان الوطن

مليكة الزخنيني… صوت الحكمة والجرأة في برلمان الوطن

- ‎فيبلاحدود, في الواجهة
408
0

نورالدين بازين

في المشهد السياسي المغربي، تبرز مليكة الزخنيني كاسمٍ يتجاوز حدود الممارسة اليومية للسياسة، لتجسد مزيجاً نادراً بين الفكر العميق والالتزام الوطني، بين وضوح الرؤية ورصانة الخطاب. هي نائبة برلمانية عن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وعضو في مكتبه السياسي، لكنها قبل ذلك أستاذة جامعية وباحثة متخصصة في القانون الدولي والعلاقات الدولية، تنهل من المعرفة لتمنح السياسة بعداً أخلاقياً وفكرياً يندر أن نراه في زمن الخطابة والانفعال.

من على منصة البرلمان، تقف الزخنيني بثبات وهدوء العالم، تُفنّد بالأرقام والحجج اختلالات السياسات العمومية، ولا سيما في القطاعات الاجتماعية التي تمس المواطن في عمقه الإنساني. كانت من أوائل من حذّروا من التدهور الممنهج لقطاع الصحة، ورأت في ذلك دليلاً على غياب رؤية حكومية حقيقية، مؤكدة أن ما تنبّهت إليه المعارضة أصبح واقعاً ملموساً. لا تكتفي بالنقد، بل تسعى إلى إعادة الاعتبار لدور المعارضة ذاته، محذّرة من خطر تحييده وتهميشه، ومن تحوّل البرلمان إلى صدى للحكومة بدل أن يكون سلطة رقابة ومساءلة.

وفي قراءتها للمشهد السياسي، لا تتردد الزخنيني في الإشارة إلى ما تسميه “زواج المال بالسلطة”، معتبرة أن هذا التداخل يُهدد جوهر الديمقراطية ويمس بميزان العدالة السياسية. هي صوتٌ يذكّر بأن السياسة ليست غنيمة بل مسؤولية، وأن الشفافية ليست ترفاً بل شرطاً لنهضة الأوطان.

وفي ميدان التشريع، حملت الزخنيني همّ الإصلاح القانوني والعدالة القضائية، فكان حضورها في مناقشة مشروع قانون المسطرة الجنائية حضوراً فكرياً مميزاً، رأى في النصوص المقترحة إعادة تدويرٍ لمشاكل قائمة دون ضمانات حقيقية للتفعيل. ودعت إلى مراجعة شاملة تربط بين مدونة الأسرة والقانون الجنائي في رؤية إصلاحية متكاملة تضع الإنسان، رجلاً كان أم امرأة، في صلب العدالة المنشودة.

ولا تنفصل الزخنيني عن قضايا المساواة والتمكين النسائي، إذ تؤمن بأن العهد الجديد في المغرب كان بحق زمن الارتقاء بالمرأة، لكنها ترى أن المسار لم يكتمل بعد، وأن تحقيق المساواة ليس مجرد مطلبٍ حقوقي، بل ضرورة تنموية وحضارية.

أما في قضية الصحراء المغربية، فقد كانت قراءتها للخطاب الملكي دقيقة وعميقة، معتبرة أن الملف الوطني دخل مرحلة المبادرة والتغيير، بعد أن ظل لعقود رهين ردّ الفعل. وترى في فتح القنصليات بالأقاليم الجنوبية انتصاراً للدبلوماسية المغربية، وتؤكد على أهمية الدبلوماسية الموازية — البرلمانية والحزبية — كجبهة فكرية وسياسية داعمة للدفاع عن السيادة والوحدة الترابية.

مليكة الزخنيني ليست مجرد برلمانية تُحصي القوانين أو تردد الشعارات، بل هي مثقفة تسائل الواقع بعين الباحث، وتواجه الخطأ بشجاعة السياسي المسؤول. حضورها في البرلمان يشبه نبض العقل في جسدٍ يحتاج إلى وعي، وصوتها يجمع بين صرامة الموقف ورهافة الحس الوطني.

بهذا التوازن بين الفكر والموقف، بين المبدأ والممارسة، تظل الزخنيني واحدة من أبرز الوجوه النسائية التي تضيء القاعة البرلمانية بهدوءها الواثق، وتمنح للعمل السياسي المغربي بعداً إنسانياً يليق بأحلام الوطن ومستقبل الديمقراطية.

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك ايضا ان تقرأ

المغرب على بُعد خطوة من إنجاز تاريخي غير مسبوق بـ16 انتصارًا متتاليًا

رشيد سرحان يقترب المنتخب الوطني المغربي من تحقيق