طارق اعراب
في الوقت الذي أدانت فيه العديد من الدول العربية الحرب الإسرائيلية على غزة علنًا، كشفت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، مساء السبت، عن معلومات صادمة تفيد بأن بعض هذه الدول كانت تُوسّع تعاونها الأمني مع إسرائيل سراً خلال نفس الفترة. واستندت الصحيفة في تقريرها إلى وثائق أمريكية، من بينها عروض تقديمية أعدتها القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM)، حصلت عليها الصحيفة، وتكشف عن ما وصفه الجيش الأمريكي بـ”الهيكل الأمني الإقليمي” الذي يضم إسرائيل وعدداً من الدول العربية.
الوثائق، التي تمتد تواريخها بين عامي 2022 و2025، تبرز أن هذا الهيكل يشمل كلاً من إسرائيل، قطر، البحرين، مصر، الأردن، السعودية، والإمارات العربية المتحدة، فيما تُذكر الكويت وسلطنة عمان كشريكتين محتملتين في هذا التعاون. كما توثق هذه الملفات اجتماعات سرّية بين مسؤولين رفيعي المستوى من هذه الدول، إلى جانب تدريبات عسكرية مشتركة وتبادل للمعلومات الاستخباراتية برعاية أمريكية.
ومن أبرز ما ورد في الوثائق، اجتماع سري عقد في مايو 2024 بقاعدة العديد الأمريكية في قطر، حيث هبط الوفد الإسرائيلي مباشرة داخل القاعدة لتجنّب المرور عبر المطارات المدنية. وبيّنت الوثائق أن التهديد الإيراني كان العامل الرئيسي وراء تعزيز هذا التعاون الأمني العربي الإسرائيلي. كما شاركت ست دول في تدريبات خاصة لكشف التهديدات في الأنفاق، وهو مجال يتمتع فيه الجيش الإسرائيلي بخبرة واسعة نتيجة معاركه ضد حركة حماس في غزة.
الوثائق أشارت كذلك إلى أن ستًا من الدول المشاركة حصلت على خرائط جوية من وزارة الدفاع الأمريكية، بينما شاركت دولتان ببيانات استخباراتية جمعتها بنفسها. وذكرت إحدى الوثائق أن السعودية تبادلت معلومات استخباراتية عدة مرات مع إسرائيل والدول المشاركة، وقدّمت في عام 2025 عرضًا استخباراتيًا مشتركًا تناول الأوضاع في سوريا والتهديد الحوثي في المنطقة.
وأكدت القيادة المركزية الأمريكية في الوثائق أن هذا التعاون “لا يشكل تحالفًا رسميًا”، وأن جميع الاجتماعات والعمليات تتم بسرية تامة. فيما وصف مسؤول سابق في وزارة الدفاع الأمريكية هذا التعاون بأنه “نتاج لعلاقات براغماتية تجمع دول الخليج بإسرائيل”، مضيفًا أن “الكثير من هذه الدول تنظر إلى القدرات العسكرية الإسرائيلية بإعجاب واحترام”.
ورغم الحملات الإعلامية التي حاولت في الأشهر الماضية تشويه صورة المغرب واتهامه زيفًا بالتعاون مع إسرائيل خلال حرب غزة، أكدت الوثائق الأمريكية أن المغرب لم يكن طرفًا في أي تنسيق أو تعاون أمني أو عسكري مع إسرائيل خلال فترة الحرب. وبهذا تُفنّد هذه الوثائق جميع الادعاءات التي وُجّهت ضد المغرب، لتكشف أن التعاون السري اقتصر على دول أخرى، بينما ظلّ الموقف المغربي واضحًا في دعم القضية الفلسطينية ورفض العدوان على غزة.