الجامعات المغربية… أساتذة بلا تكوين بيداغوجي ولا مراقبة داخل المدرجات

الجامعات المغربية… أساتذة بلا تكوين بيداغوجي ولا مراقبة داخل المدرجات

- ‎فيرأي
511
0

محمد خالد

يشكل الأستاذ الجامعي أحد الأعمدة الأساسية لمنظومة التعليم العالي، إذ تقع على عاتقه مهمة تكوين الأجيال وتأطير البحث العلمي. غير أن واقع التكوين البيداغوجي داخل الجامعات المغربية يكشف عن اختلالات عميقة، خصوصًا عند مقارنته بالنموذج الفرنسي الذي يستند إليه المغرب في كثير من إصلاحاته التعليمية.

توظيف دون تكوين تربوي مسبق

في المغرب، يتم ولوج مهنة التدريس الجامعي أساسًا عبر مباريات ترتكز على الملف العلمي والشهادات الأكاديمية، دون اشتراط أي تكوين تربوي أو بيداغوجي قبل التوظيف. فالأستاذ الناجح يُعيَّن مباشرة في منصبه ويبدأ التدريس في المدرجات، بغضّ النظر عن قدرته على الإلقاء أو ضبط القسم أو بناء الوحدات التعليمية بطريقة منهجية فعالة.

هذا الغياب المسبق للتكوين يترك فراغًا واضحًا في الجانب البيداغوجي، إذ يفتقر عدد من الأساتذة الجدد إلى أدوات تعليمية حديثة، ومهارات التواصل البيداغوجي، وطرق التقويم المتقدمة التي تساهم في تحقيق الأهداف التعليمية.

تكوين محدود بعد التوظيف

صحيح أن الجامعات المغربية تنظّم لاحقًا بعض الدورات التكوينية القصيرة لفائدة الأساتذة الجدد، وغالبًا ما تكون هذه التكوينات شرطًا للترسيم، إلا أنها تظل سطحية ومحدودة من حيث المدة والمحتوى، ولا ترقى إلى تكوين معمّق ومنهجي يمكن أن ينعكس بوضوح على الأداء داخل المدرجات.

ضعف المراقبة التربوية داخل المدرجات

يُضاف إلى ذلك غياب آليات حقيقية لمراقبة مدى تحقيق الأستاذ للأهداف التعليمية، أو مدى التزامه بإتمام البرنامج الدراسي المقرر. فلا توجد متابعة منتظمة لمردودية الأستاذ داخل القاعات والمدرجات، ولا تقييمات بيداغوجية معمّقة تكشف مكامن القوة والضعف. وغالبًا ما تقتصر المراقبة على الجوانب الإدارية الشكلية، دون تقييم نوعي حقيقي للعمل التربوي.

النموذج الفرنسي: تكوين صارم ومراقبة منظمة

في المقابل، يعتمد النظام الفرنسي الذي يستلهم منه المغرب كثيرًا من قوانينه، مقاربة أكثر صرامة وتنظيمًا. فبعد التوظيف، يُخضع الأساتذة الجدد لتكوين بيداغوجي إجباري ومنهجي، يمتد على فترة زمنية مهمة، ويشمل جوانب نظرية وعملية تحت إشراف مشرفين بيداغوجيين متخصصين.

إضافة إلى ذلك، توجد مراكز دعم بيداغوجي داخل الجامعات الفرنسية تواكب الأساتذة بشكل دائم، كما يتم تقييم الأداء التربوي بانتظام من خلال زيارات، واستطلاعات طلابية، ومتابعة دقيقة لتنفيذ البرامج وتحقيق الأهداف التعليمية.

إن غياب تكوين بيداغوجي معمّق قبل التوظيف، والاكتفاء بدورات شكلية بعده، إلى جانب ضعف آليات المراقبة داخل المدرجات، يحدّ بشكل مباشر من مردودية الأستاذ الجامعي المغربي، ويؤثر في جودة التعليم العالي برمته. وفي ظل تبني المغرب للنموذج الفرنسي في عدة مجالات تنظيمية، يبدو من الضروري إعادة النظر في هذا الجانب الحيوي، عبر اعتماد تكوين بيداغوجي إلزامي ومنظم، مقرون بآليات تقييم صارمة، تضمن أن يواكب الأداء التربوي المستوى العلمي المنتظر.

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك ايضا ان تقرأ

فيديو. منتخب يدق ناقوس الخطر: شباب الداوديات بمراكش بين وعود المرافق المغلقة ومشاريع متعثرة منذ سنوات

خولة العدراوي/ تثوير: ف. الطرومبتي حذّر المستشار الجماعي