طارق أعراب/تصوير: ف. الطرومبتي
في خطوة غير متوقعة، قام الوالي بالنيابة على جهة مراكش آسفي، محمد فوزي، بزيارة ميدانية مفاجئة وغير رسمية إلى عدد من الفضاءات الحيوية بالمدينة العتيقة لمراكش، وذلك برفقة باشا المدينة وقائد ساحة جامع الفنا. الزيارة، التي تُعدّ الأولى من نوعها منذ تعيينه، حملت بين تفاصيلها رسائل متعددة الاتجاهات، تؤشر إلى أسلوب جديد في تدبير الشأن المحلي القائم على المعاينة المباشرة والاستماع الميداني.
الوالي فوزي جاب أزقة المدينة القديمة، بدءاً من رياض العروس ودار الباشا، مروراً بعدد من الأسواق التقليدية مثل سوق الصباغين، حيث توقف عند أحد التجار الذي شكى له تدهور سقف السوق وواجهته العريقة، في مشهد عكس رغبة المسؤول الترابي في الإنصات المباشر للمواطنين والتجار دون بروتوكول.
الزيارة شملت أيضاً مدرسة ومتحف بن يوسف، حيث كان في استقباله المشرف على المؤسسة، وهو الرجل الذي أشرف لسنوات على تنظيم المدرسة وصون قيمتها التاريخية، كما توقف الوالي عند سقاية المواسين، التي تُعدّ من المعالم الرمزية التي تشهد على العمق الحضاري للماء في ذاكرة المدينة.
وفي ساحة جامع الفنا، استقبل أصحاب عربات الكوتشي الوالي بترحاب خاص، مقدمين له باقة ورد ورسالة مطلبية عبّروا فيها عن أملهم في عدم ترحيلهم من أماكنهم الأصلية، وهو ملف اجتماعي ظل يثير الجدل في المدينة بين هاجس التنظيم والحفاظ على مصدر رزق هؤلاء.
ويرى متتبعون أن هذه الزيارة الميدانية، رغم طابعها المفاجئ وغير الرسمي، تحمل إشارات قوية نحو تبني مقاربة القرب في معالجة قضايا المدينة العتيقة، خصوصاً تلك المرتبطة بالسياحة والأسواق التقليدية وإعادة الاعتبار للمجال التاريخي لمراكش.
كما يراها البعض تدشيناً فعلياً لعهد جديد في التعاطي مع الملفات التراثية والحضرية، يقوم على المتابعة الميدانية والتواصل المباشر بدل التقارير المكتبية.
بهذه الجولة، يبدو أن الوالي محمد فوزي أراد أن يبعث رسالة مفادها أن إدارة المدينة لا تُدار من المكاتب، بل من قلب الميدان، حيث تنبض الحياة وتتعانق الحرف والتجارة والسياحة في مدينة تتنفس التاريخ وتنتظر تخطيطاً يليق بمكانتها العالمية.