Mal tourne… هل أخنوش ضحية المحيط الدائر به؟

Mal tourne… هل أخنوش ضحية المحيط الدائر به؟

- ‎فيرأي, في الواجهة
254
0

بقلم : نورالدين بازين

يبدو أن رئيس الحكومة المغربية، عزيز أخنوش، يعيش مرحلة سياسية دقيقة تُشبه ما يمكن وصفه في لغة السياسة بـ المنعطف الخطير. فمنذ أشهر، بدأت مؤشرات التآكل تظهر داخل معادلة الأغلبية التي يقودها، وبدأت صورته السياسية تتعرض للاهتزاز، ليس فقط من طرف خصومه التقليديين، بل حتى من داخل دائرته المقربة التي كانت تُشكل مصدر قوته وتماسكه. وهنا يُطرح السؤال بحدة: هل أخنوش ضحية المحيط الذي صنعه حوله؟

منذ صعوده إلى رئاسة الحكومة، حاول أخنوش أن يُقدم نفسه كـ”رجل تدبير”، لا كرجل صراع سياسي، فاختار الاعتماد على شبكة من المستشارين والتقنيين الذين جاؤوا من عالم المال والإدارة أكثر من عالم السياسة. غير أن هذا الاختيار، الذي بدا في بدايته ذكياً، بدأ مع مرور الوقت يُظهر سلبياته؛ إذ تحول المحيط الذي يُفترض أن يُقوّي قراراته إلى جدار عازل بينه وبين الواقع الشعبي والسياسي.

فبينما تواجه البلاد موجات احتجاج متزايدة يقودها جيل جديد من الشباب، يبدو أن رئيس الحكومة يعيش في فقاعة سياسية تُعيد تدوير نفس الخطاب، وتُخفي عنه ملامح الغضب الاجتماعي. إنّ ما يُتداول في كواليس الرباط يُشير إلى أن عدداً من مستشاريه يتعاملون مع السياسة بعقلية التسويق لا بعقلية الإصلاح إلى جانب إعلاميين وصحفيين فاشلين ، وهو ما جعل خطاب الحكومة في نظر الرأي العام مليئاً بالشعارات فارغاً من الأفعال.

اللافت أكثر أن بعض المقربين من أخنوش داخل حزبه التجمع الوطني للأحرار بدأوا يتحولون من داعمين إلى عبءٍ ثقيل عليه. فبدل أن يُشكّل الحزب قاعدة تواصلية قوية تُدافع عن اختيارات الحكومة، أصبح يعيش بدوره على وقع ارتباك في الخطاب، وانقسامات داخلية غير معلنة. ومع كل أزمة، يُترك أخنوش في الواجهة وحده، يُواجه السخط الشعبي والانتقادات الإعلامية، بينما يختفي من حوله أولئك الذين صنعوا مجده الانتخابي بالأمس.

إنّ أخطر ما يُواجهه رئيس الحكومة اليوم ليس المعارضة البرلمانية، ولا حتى الأزمة الاقتصادية، بل عزلة القرار وضعف الإنصات. فحين يتحول المحيط إلى مجموعة من الأصوات التي لا تُجادل ولا تُخالف، يسقط القائد في فخّ الاطمئنان الزائف. وهذا ما حدث، على ما يبدو، لأخنوش الذي لم يعد يسمع سوى صدى صوته، ولم يعد يرى سوى ما يريد البعض أن يُريه.

لقد تحوّل رئيس الحكومة، دون أن يشعر، إلى ضحية لحلقة ضيقة من التقنوقراط والسياسيين الذين يحرصون على تجميل الواقع أكثر من مواجهته. والنتيجة: حكومة مترددة، شعب غاضب، ومشهد سياسي يسير نحو “Mal tourne” أي الانحراف عن المسار الصحيح.

قد لا يكون أخنوش فاسداً أو سيئ النية، لكنه اليوم يُؤدي ثمن ثقته المفرطة في محيطه، وثمن إيمانه بأن السياسة يمكن أن تُدار بلغة الأرقام فقط. غير أن المغرب، بتاريخ أزماته وتنوع مجتمعه، يحتاج إلى قائد يسمع ويناقش ويتفاعل، لا إلى رئيس يحيط نفسه بجدران من الصمت والتبرير.

السؤال المطروح الآن: هل يستفيق أخنوش قبل فوات الأوان ويُعيد ترتيب محيطه السياسي؟ أم يترك الأمور تسير نحو مزيد من التآكل والقطيعة بين الحكومة والمجتمع؟
الجواب، كما يبدو من مؤشرات الواقع، لم يعد بيده وحده، بل في مدى قدرته على التحرر من دائرة الولاءات الضيقة، واستعادة دوره كقائد لا كمدير شركة وسط دولة تُطالب بسياسة لا بتسويق.

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك ايضا ان تقرأ

فيديو. الزفزافي يهاجم مستغلي معاناة والدته ويحذر من التوظيف السياسي لقضية شقيقه

خولة العدراوي/ مونتاج فيديو: ر. سرحان نشر طارق