طارق اعراب
يُعد المحور الرابع: رقمنة النظام الصحي من أبرز محاور التقرير المرحلي لإصلاح المنظومة الصحية الوطنية، إذ يمثل نقلة نوعية في طريقة تدبير القطاع الصحي بالمغرب، من خلال اعتماد مقاربة رقمية شاملة تهدف إلى تحسين جودة الخدمات وضمان الولوج العادل والسريع إلى العلاج.
يرتكز هذا المحور على توحيد النظام المعلوماتي الصحي (SIH)، عبر دمج وتنسيق الأنظمة الرقمية الخاصة بالمستشفيات الجامعية والجهوية والإقليمية في منظومة موحدة ومتكاملة تُتيح تتبع حالة المرضى وتبادل المعلومات بين مختلف المؤسسات الصحية. ويغطي هذا المشروع الواسع النطاق كا مرحلة أولية 3 مستشفيات جامعية و20 مستشفى جهوياً و294 مركزاً صحياً، ليستفيد منه حوالي 4 ملايين مواطن.
وتتضمن الرقمنة مجموعة من المشاريع الرقمية الطموحة، أبرزها:
الملف الطبي المشترك (DPP) الذي يسمح بتتبع المسار الصحي لكل مريض في مختلف المراحل والمؤسسات بشكل آمن وموحد.
الملف الطبي الإلكتروني للولادة والطفل، الذي يُسهم في تحسين رعاية الأم والطفل.
إطلاق المسار الصحي الرقمي للمواطن، وهو نظام يربط بين المستشفيات والعيادات ومراكز الرعاية الأولية لتسهيل متابعة الحالات وتحسين التنسيق الطبي.
تطوير منصة وطنية للعلاج الإلكتروني (FSE) بشراكة مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS)، بهدف تسريع مساطر التعويض وتقليص الإجراءات الإدارية وضمان تبادل آمن للمعطيات الصحية.
تسجيل المرضى بالبطاقة الوطنية الإلكترونية (CNIE) لتسهيل الولوج إلى الخدمات الصحية الرقمية.
كما يعمل المشروع على تعزيز الاستشارات الطبية عن بُعد، وتوفير خدمات صحية رقمية لفائدة المناطق القروية والنائية عبر وحدات متنقلة مجهزة، مما يضمن عدالة مجالية في الاستفادة من الخدمات الصحية.
أما أولويات سنة 2026 فتشمل تعميم الملف الطبي المشترك على الصعيد الوطني، وتوسيع تجربة العلاج الإلكتروني، إضافة إلى إبرام اتفاقيات وشراكات جديدة مع المؤسسات الصحية والضمان الاجتماعي لضمان انسجام الأنظمة المعلوماتية.
إن رقمنة النظام الصحي تمثل ثورة رقمية حقيقية في المجال الطبي المغربي، تروم تحسين الفعالية، وتطوير الحوكمة الصحية، وتسهيل ولوج المواطن إلى خدمات حديثة وعادلة، بما ينسجم مع رؤية المملكة في بناء منظومة صحية عصرية، شفافة، ومتكاملة تخدم الإنسان في المقام الأول.
