رياض السباعي
تعيش المنظومة الصحية في المغرب مرحلة دقيقة تتطلب تدخلاً عاجلاً لإصلاحها وتطويرها بما يضمن تحسين ظروف الاستقبال، التشخيص، والعناية الصحية وفقاً لأرقى المعايير العالمية. هذا الإصلاح ليس مجرد ضرورة طبية، بل هو مطلب شعبي يعكس تطلعات المواطنين في الحصول على خدمات صحية تليق بحقوقهم الإنسانية.
أول وأبرز الأولويات هو تحسين ظروف استقبال المرضى، لا سيما في وحدات المستعجلات والولادة التي تستقبل الحالات الحرجة. فهذه النقاط تشكل الواجهة الأولى لتجربة المرضى، ويجب أن تكون بيئة الاستقبال فيها محترمة، منظمة، ونظيفة، مع توفير وسائل علاجية فعالة وسريعة. إلى جانب ذلك، لا بد من تعزيز الوعي المجتمعي بأهمية الاحترام المتبادل بين المزودين الصحيين والمرضى، لما لذلك من تأثير مباشر على جودة الرعاية وأجواء العلاج.
في نفس الإطار، يتطلب تحديث وتطوير الوحدات الاستشفائية اعتماد معايير عالمية في التجهيزات الطبية والبنية التحتية، بالإضافة إلى إنشاء وحدات رقابة صارمة لضمان جودة الخدمات. ولتحقيق ذلك، يعتبر التكوين الطبي المستمر محوراً أساسياً، فالأطباء والطاقم الطبي يحتاجون إلى دورات تدريبية متجددة على المديين القصير والبعيد، تساهم في رفع كفاءاتهم وتحافظ على الأطباء المغاربة من ظاهرة هجرة العقول التي تؤثر سلباً على المنظومة.
من جهة أخرى، تبرز أهمية تبسيط الإجراءات الإدارية والطبية كعامل أساسي لتحسين فعالية الخدمات الصحية. يتطلب الأمر اعتماد بطاقة طبية موحدة تحمل الرقم الموحد لكل مواطن، تُستخدم لتسهيل مساطر الرعاية، وتسريع عمليات الأداء بين المصحات ومؤسسات الضمان الاجتماعي. يجب على الوزارة المكلفة وضع آليات فعالة وواضحة لتوحيد هذه العمليات، بهدف تقليل التعقيدات الإدارية وتعجيل أوقات الحصول على الخدمات الطبية.
إن إصلاح المنظومة الصحية بالمغرب يتخطى الجانب التقني ليشمل الأبعاد الاجتماعية والإنسانية، عبر بناء منظومة صحية تسودها قيم الاحترام والعناية الفائقة. إن نجاح هذه الرؤية يستلزم تضافر جهود الدولة، المؤسسات الطبية، والمجتمع المدني لتحقيق بيئة صحية متطورة تلبي تطلعات المغاربة نحو حياة أفضل وأضمن صحة.
