السياسة فن… والاستقالة أحياناً رسالة

السياسة فن… والاستقالة أحياناً رسالة

- ‎فيرأي, سياسة, في الواجهة
169
0

كتب: نورالدين بازين

في السياسة، ليست الحلول دائماً معقدة أو بعيدة المنال، بل قد تكون في كثير من الأحيان بسيطة، مباشرة، وذات أثر نفسي أكبر من أثرها العملي. الاحتجاجات التي تعم بعض المدن المغربية اليوم، والتي قادها جيل «Z»، تحمل في جوهرها مطالب مشروعة: الحق في الصحة، الحق في تعليم جيد، وفرص حياة كريمة. لكن أمام هذا الزخم الشعبي، كيف يمكن تهدئة الشارع في وقت وجيز؟

الجواب، كما يعلم كل من مارس فن السياسة، قد يكمن في خطوة رمزية أكثر منها تقنية: استقالة وزيري الصحة والتعليم أو أحدهما. هذه الخطوة، وإن لم تكن حلاً جذرياً لكل المشاكل، إلا أنها تشكل ورقة سياسية ذكية لإرضاء المحتج والمتظاهر، وإشعاره بأن صوته وصل وأن غضبه مسموع.

في تقاليد الديمقراطيات الراسخة، الاستقالة ليست هروباً من المسؤولية، بل أحياناً ذروة في تحملها. إنها إعلان بأن الوزير مستعد ليدفع الثمن السياسي عن اختلالات قطاعه، وعن سنوات من التراجع والتأخر، حتى لو لم يكن وحده المسؤول المباشر عنها.

ولعل في هذه الخطوة رسالة مزدوجة: للشارع، بأن الدولة تستجيب بآليات حضارية، وللنخبة السياسية، بأن ربط المسؤولية بالمحاسبة ليس شعاراً بل ممارسة ملموسة. إنها أيضاً إشارة تهدئة تمنح الوقت لبلورة حلول حقيقية وعملية على المدى المتوسط والبعيد، في الصحة والتعليم معاً.

السياسة فن، والفن يقوم على الإقناع، الرمزية، والذكاء في إدارة الأزمات. وإذا كانت مطالب الشارع كبيرة، فإن الإشارات الصغيرة قد تفتح باب الحوار وتعيد الثقة، وتمنح الدولة فرصة لإثبات أن الإصغاء لم يعد مجرد خطاب، بل فعل.

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك ايضا ان تقرأ

المغرب يطيح بالبرازيل ويبلغ ثمن نهائي مونديال الشباب في تشيلي

رشيد سرحان حجز المنتخب المغربي لأقل من 20