خديجة العروسي
لم يعد سكان عمارات ابن سيناء بحي الازدهار في مراكش يعرفون طعم النوم ولا معنى الاطمئنان. العمارات التي كان يفترض أن تكون فضاءً للسكينة الأسرية، صارت اليوم أشبه بـ”خيمة مفتوحة” على كل أنواع الفوضى والانحراف. غرباء يتوافدون ليلاً ونهارًا، سكارى ومتعاطون للمخدرات يمرحون في الممرات، أصوات ضجيج ورائحة المخدرات تزكم الأنوف، فيما السكان محاصرون داخل شققهم وكأنهم رهائن في بيوتهم.
المعضلة لا تقف عند هذا الحد، فغياب “السانديك” وحراس الأمن حول هذه الإقامات إلى فضاء مباح لكل أشكال الفساد. شقق تكترى عشوائيًا وبأثمان بخسة، سرعان ما تتحول إلى أوكار للدعارة وملاذ للمنحرفين. ليالي ماجنة، أصوات صاخبة، وأعين تتربص بالسكان من أجل سرقة ممتلكاتهم، كل هذا جعل هذه العمارات تفقد قيمتها السكنية وتتحول إلى ما يشبه “غابة” يسكنها الخوف والقلق بدل الطمأنينة.
السكان، وقد ضاقوا ذرعًا بهذا الوضع، يرفعون أصواتهم عاليا مطالبين السلطات المحلية والأمنية وعلى رأسها والي أمن مراكش، بالتدخل العاجل. وفي مقدمة مطالبهم تنظيم حملات أمنية ليلية منتظمة، تكون بالمرصاد لهؤلاء الغرباء والمنحرفين الذين اتخذوا من العمارات وفضاءاتها مكانًا آمنًا لممارسة أنشطتهم المشبوهة.
إن استمرار هذا الوضع يطرح سؤالاً حارقًا: كيف تُترك عمارات كاملة رهينة بيد فئة خارجة عن القانون؟ وكيف يغيب التنسيق بين السلطات المحلية والأمن الوطني لضمان الحد الأدنى من الأمن في فضاء سكني يُفترض أنه محروس؟
رسالة السكان واضحة: كفى من التهاون. فالأمن ليس امتيازًا ولا ترفًا، بل حق أساسي يطالبون به اليوم قبل الغد، عبر حملات أمنية ليلية صارمة تعيد الطمأنينة وتفرض النظام.