لماذا يُقصى الأستاذ من إصلاح التعليم؟

لماذا يُقصى الأستاذ من إصلاح التعليم؟

- ‎فيرأي
309
0

محمد خالد

منذ عقود، يتصدر ملف إصلاح التعليم واجهة النقاش العمومي في المغرب، حيث تعاقبت مخططات متعددة: الميثاق الوطني للتربية والتكوين سنة 1999، البرنامج الاستعجالي 2009-2012، الرؤية الاستراتيجية 2015-2030، القانون الإطار 51.17 سنة 2019، وأخيراً خارطة الطريق 2022-2026.

لكن، رغم كل هذه المحطات، لم نر تحولاً حقيقياً على أرض الواقع. السبب؟ بسيط وواضح: المغرب لا يتوقف لتقييم ما أنجز، ولا ليستخلص الدروس من أخطائه والوقوف عند الإيجابيات والسلبيات. فالمنطق الغالب ظل دائماً هو الانطلاق في إصلاح جديد دون تقييم موضوعي لما سبق، وكأن الهدف هو إعلان إصلاح آخر أكثر من الحرص على إنجاح الموجود. النتيجة: هدر للوقت والمال والجهد، والمدرسة العمومية ما تزال تعاني.

وإذا كان هذا النهج يثير التساؤل، فإن ما يضاعف من تعقيد المشهد هو تغييب القاعدة التربوية الممثلة في نساء ورجال التعليم. هؤلاء الذين يشتغلون يومياً داخل القسم، ويفترض أن يكونوا الفاعل الأساسي في أي إصلاح، لم يُمنحوا الفرصة الحقيقية للتعبير والمساهمة إلا في محطات محدودة، مثل تجربة منتديات الإصلاح سنة 2002-2003. لكنها بقيت يتيمة ولم تُستثمر. كيف ننتظر من الإصلاح أن ينجح إذا كان من يُفترض أن يكونوا محركه الأساسي مجرد منفذين صامتين؟

ويكفي أن نتأمل في فكرة بسيطة لتتضح الصورة أكثر: ماذا لو جربت الوزارة اصدار مذكرة وزارية تجريبية تسمح لفريق صغير من الأساتذة(ممن يبدون الرغبة) ، بتأطير من مفتشين وبشراكة مع أحد أطر المراكز الجهوية، بتأليف وحدة من مقرر دراسي ما،  (تخطيط يمتد لثلاثة أسابيع)؟ إنّ الأمر لا يتطلب ميزانية ضخمة ولا جهازاً إدارياً معقداً، لكنه سيمكن من جعل الإصلاح ينبع من القسم ذاته، ويعطي للأساتذة اعترافاً معنوياً بإدراج أسمائهم في فرق التأليف، إلى جانب تعويض مادي يحفز على الإبداع.

إنها مجرد فكرة، لكنها تكشف كل شيء: تكشف أن مشكلتنا ليست في غياب الحلول، بل في غياب الإرادة لإشراك من يعيشون يومياً تفاصيل الأزمة.

ويبقى السؤال مطروحاً بإلحاح: هل هناك فعلاً رغبة صادقة في إصلاح التعليم في المغرب، في ظل تغييب الفاعل الأساسي وتهميش رأيه، أم أننا سنواصل الدوران في حلقة إصلاحات متتالية تفتقد لأساس المشاركة والإنصات؟

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك ايضا ان تقرأ

مونديال 2030.. من نيويورك إلى الرباط: كرة القدم كرهان تنموي وجيوسياسي

هيئة التحرير في خضم أشغال الجمعية العامة للأمم