هروب “ناصر الجن”.. هل بدأ تصدع جدار القوة الضاربة في الجزائر؟

هروب “ناصر الجن”.. هل بدأ تصدع جدار القوة الضاربة في الجزائر؟

- ‎فيرأي, في الواجهة
820
0

بقلم: نورالدين بازين

هروب العميد عبد القادر حداد، أو “ناصر الجن” كما يلقب، ليس مجرد حادثة أمنية يمكن للنظام الجزائري أن يدرجها في خانة الطوارئ العابرة. ما وقع أشبه بصفعة سياسية صاخبة، فضحت زيف شعار “القوة الضاربة” الذي صدع به الجنرالات مسامع الجزائريين والجار المغاربي لسنوات. كيف يُعقل أن من يُفترض أنهم حماة النظام هم أول من يبحث عن قوارب الهروب نحو أوروبا؟ أي قوة هذه التي يتغنى بها الإعلام الرسمي، إذا كان كبار الضباط يتسابقون للنجاة من سفينة بدأت تتسرب إليها المياه من كل الجهات؟

المثير أن الرجل، المعروف بعدائه الشديد لفرنسا، لم يجد في النهاية ملجأً سوى شواطئ إسبانيا، في مشهد ساخر يلخص عبثية الخطاب الرسمي الجزائري. ومن دون مبالغة، فإن هروبه لم يكن ليتم لولا دعم شبكة من داخل المؤسسة العسكرية نفسها، ما يعني أن الصراع لم يعد خفياً، وأن “بيت الجنرالات” يعيش انقساماً حاداً يهدد بانفجار وشيك.

القضية أكبر من شخص هارب، إنها علامة على مرحلة تآكل شرعية النظام من الداخل. فالجزائريون يسمعون يومياً لغة الشعارات عن العزة والسيادة، لكنهم يشاهدون في المقابل ضباطاً ومسؤولين يفرون نحو الضفة الأخرى. إنها مفارقة تعكس انهيار الثقة حتى داخل النخب الحاكمة، التي لم تعد تؤمن بقدرة النظام على الصمود.

ما جرى مع “ناصر الجن” هو بمثابة جرس إنذار أخير: إذا كان العميد نفسه يهرب كأي مهاجر سري، فكيف يلام المواطن البسيط حين يركب البحر طلباً للكرامة؟ إن النظام الجزائري يكشف اليوم أنه بنى صورته على وهم القوة، لكن الحقيقة المرة أنه نظام يتفكك ببطء، وقد ينفجر في أي لحظة.

باختصار، “القوة الضاربة” لم تعد سوى شعار فارغ، بينما الواقع يقول إن الجنرالات أنفسهم يفتشون عن مخارج نجاة. والمثير للسخرية أن ما عجزت عنه المعارضة حققته قوارب البحر: تعرية النظام أمام شعبه والعالم.

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك ايضا ان تقرأ

مذكرة المجلس الوطني لحقوق الإنسان بشأن مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة

طارق أعراب قدم المجلس الوطني لحقوق الإنسان مذكرته