من فاكهة صيفية إلى حل بيئي واعد: هل تتحول “الهندية” إلى أداة مغربية لمواجهة أزمة المياه؟

من فاكهة صيفية إلى حل بيئي واعد: هل تتحول “الهندية” إلى أداة مغربية لمواجهة أزمة المياه؟

- ‎فيالمغرب الفلاحي, في الواجهة
213
0

طارق واعراب

في الوقت الذي أعلنت فيه جامعة الملك خالد بالسعودية عن ابتكار علمي رائد يعتمد على قشور التين الشوكي – أو الهندية كما يسميها المغاربة – لتنقية المياه الملوثة، يطرح السؤال نفسه: لماذا لا يتحول المغرب، باعتباره واحداً من أكبر منتجي هذه الفاكهة في العالم، إلى رائد إقليمي في استثمار هذا الكنز البيئي المهمل؟

الهندية في المغرب ليست مجرد فاكهة صيفية تُباع على عربات صغيرة في الأزقة والأسواق الشعبية، بل هي نبتة مترسخة في المجال القروي، مقاومة للجفاف، وتنتشر على مساحات شاسعة من سوس إلى الرحامنة والسراغنة وزاكورة والريف. هذه الثمرة التي ارتبطت في المخيال الشعبي بالبساطة والقوة على التحمل، يمكن أن تصبح اليوم مكوناً أساسياً في مواجهة واحدة من أخطر تحديات المغرب: أزمة ندرة المياه وتلوثها.

الابتكار السعودي القائم على معالجة قشور الهندية بطرق بسيطة لإزالة 98% من الملوثات الصناعية، يقدم للمغرب فرصة ذهبية. فبلد يعيش ضغطاً مائياً متزايداً بفعل التغير المناخي وتراجع التساقطات، يحتاج إلى حلول غير مكلفة وسهلة التطبيق. وبالنظر إلى وفرة الهندية محلياً، فإن استثمار قشورها سيجعل من هذه التقنية أكثر ملاءمة للواقع المغربي من أي بلد آخر.

الجامعات المغربية ومراكز البحث مدعوة اليوم إلى تملك هذه الفكرة وتطويرها في إطار شراكات مع الفاعلين الاقتصاديين والجهات الترابية. فالمعادلة بسيطة: مخلفات زراعية تتحول إلى مواد بيئية ذات قيمة، ما يعني اقتصاداً دائرياً حقيقياً، وفرص عمل جديدة للفلاحين والشباب القروي، ومساهمة مباشرة في حماية الموارد المائية.

كما أن للمشروع بعداً اجتماعياً وثقافياً لا يمكن تجاهله. فالهندية جزء من هوية المغاربة الغذائية والفلاحية، وتحويلها إلى حل بيئي عالمي قد يعزز صورة المغرب كبلد قادر على تحويل عناصر من تراثه الزراعي إلى حلول علمية متقدمة. هنا يبرز دور السياسات العمومية التي يفترض أن تشجع الاستثمار في البحث التطبيقي، وأن تواكب المشاريع المبتكرة القادرة على ربط التراث المحلي بالتحديات البيئية الكبرى.

إن ما فعلته جامعة الملك خالد دليل واضح على أن الحلول البسيطة، الشعبية والموجودة في متناول الجميع، قد تحمل في طياتها أجوبة على أزمات عالمية. والسؤال المطروح اليوم: متى تتحرك الجامعات المغربية والجهات الترابية لتحويل “الهندية” من مجرد فاكهة صيفية شهية، إلى مادة استراتيجية في الحرب على ندرة وتلوث المياه؟

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك ايضا ان تقرأ

الشرطة بمراكش توقف شخصين بسبب سباقات دراجات نارية خطيرة على الشارع العام

هيئة التحرير تمكنت عناصر الشرطة بولاية أمن مراكش،