المغرب جاهز لتنظيم أفضل نسخة من كأس أمم إفريقيا . هل نصبح الأفضل في الصحة والتعليم أيضاً؟

المغرب جاهز لتنظيم أفضل نسخة من كأس أمم إفريقيا . هل نصبح الأفضل في الصحة والتعليم أيضاً؟

- ‎فيرأي
173
0

طارق اعراب

صرّح فوزي لقجع بأن المغرب جاهز لتنظيم أفضل نسخة من كأس أمم إفريقيا في التاريخ، وهو تصريح يعكس ثقة كبيرة وقدرة واضحة على رفع سقف الطموحات في مجال الرياضة وتنظيم التظاهرات الكبرى. غير أن مثل هذه العبارات القوية تثير تساؤلات مشروعة: لماذا لا نسمع الخطاب نفسه من وزراء قطاعات حيوية تمس الحياة اليومية للمواطنين بشكل مباشر؟ لماذا لا يخرج وزير الصحة ليؤكد أن المغرب جاهز ليكون الأفضل في العالم في الرعاية الصحية، أو وزيرة التربية الوطنية لتعلن أن البلاد ستصبح نموذجاً قارياً في جودة التعليم؟ فكما نُظهر جاهزية عالية في الرياضة، يظل المواطن يتطلع إلى أن يرى نفس الطموح في الصحة والتعليم، وهما ركيزتان أساسيتان لأي نهضة حقيقية

الواقع الصحي اليوم يعكس صورة مغايرة تماماً. فقد شهدت مدينة أكادير يوم الأحد 14 شتنبر 2025 مظاهرة حاشدة أمام المستشفى الجهوي الحسن الثاني، احتجاجاً على ما وصفه المواطنون بـ”الوضع الكارثي” داخل المرفق الصحي. المحتجون رفعوا شعارات غاضبة بعد تكرار وفيات في قسم الولادة والمستعجلات، مطالبين بفتح تحقيق شفاف وتوفير التجهيزات والموارد البشرية. الغضب الشعبي في أكادير ليس حالة معزولة، بل هو صورة متكررة في مدن أخرى مثل آسفي، التي يشتكي فيها المواطنون من نقص المعدات، الاكتظاظ، وطول مواعيد العلاج، ما يجعل المستشفيات في نظر كثيرين “مستشفيات موت” بدل أن تكون فضاءات للعلاج والإنقاذ.

أما التعليم، فلا يقل مأساوية. التقارير الدولية تضع المغرب في مراتب متأخرة؛ فقد احتل المرتبة 101 عالمياً حسب تقرير منتدى دافوس لسنة 2021، والمرتبة 154 وفق تصنيف “إنسايدر مانكي”، إضافة إلى المرتبة 110 في تقرير معهد العدالة العالمية. هذه الأرقام تؤكد أن كل الإصلاحات التي رُوِّج لها لم تنعكس بعد على جودة التعليم أو على واقع المدارس المغربية. والأخطر أن المنظومة التربوية فشلت في احتواء جيل جديد من القاصرين، إذ تشير تقارير المرصد المغربي للسجون إلى أن نسبة كبيرة من الأحداث المودعين في السجون متابعون في قضايا سرقة، اعتداءات جسدية، بل وحتى اغتصاب وتحرش، وهو ما يعكس هشاشة البنية التربوية وفشلها في القيام بدورها التأطيري.

في المقابل، قطاع الرياضة يحظى بميزانيات ضخمة واستثمارات ملموسة في الملاعب والتجهيزات، وبتصريحات قوية تحمل نَفَس التحدي والتفوق. بينما الصحة والتعليم يعيشان على وقع الوعود والتطمينات دون أثر حقيقي على حياة المواطن. المواطن قد يفرح بفوز منتخب أو نجاح بطولة، لكنه يصطدم يومياً بواقع المستشفى المكتظ أو المدرسة المتردية.

إن المغرب بحاجة إلى نقل الحماس نفسه من الملاعب إلى أقسام المستعجلات وفصول الدراسة. لا يكفي رفع الشعارات، بل المطلوب هو تحديد أهداف دقيقة، توفير الموارد الكافية، محاسبة المقصرين، وضمان شفافية في تدبير الملفات. عندها فقط يمكن أن نطمح بصدق أن نكون الأفضل، ليس فقط في كرة القدم، بل أيضاً في صحة مواطنينا وتعليم أبنائنا.

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك ايضا ان تقرأ

جدل بعد صعود مواطنين أعلى مبنى مسجد بآسفي لمتابعة حفل شعبي

طارق اعراب شهدت جماعة مول البركي بإقليم آسفي،