مجلس جهة مراكش يخصص تمويل ضخم لمشروع القطار الجهوي السريع بين مراكش وابن جرير

مجلس جهة مراكش يخصص تمويل ضخم لمشروع القطار الجهوي السريع بين مراكش وابن جرير

- ‎فيإقتصاد, في الواجهة
657
0

هيئة التحرير

ليس مشروع القطار الجهوي السريع بين مراكش وابن جرير مجرد خط سككي جديد يربط بين نقطتين، بل هو ورش استراتيجي يعكس التحول العميق الذي تعرفه جهة مراكش آسفي في مجال التنمية المندمجة. إن تخصيص مجلس جهة مراكش آسفي، برئاسة سمير كودار، لغلاف مالي ضخم يصل إلى 16 مليار درهم لتمويل هذا المشروع، يشكل دليلاً واضحاً على أن الجهة باتت فاعلاً أساسياً في رسم معالم المستقبل التنموي لمراكش والأقاليم المجاورة لها، وعلى رأسها ابن جرير.

يمتد المشروع على طول 74 كيلومتراً ويضم ست محطات أساسية، من مراكش كيليز والنخيل وملعب مراكش، إلى سيدي بوعثمان والمدينة الخضراء الجديدة وابن جرير. هذه المحطات ليست مجرد فضاءات عبور، بل هي بؤر محتملة لنمو استثماري وصناعي وخدماتي سيغير موازين الجاذبية الاقتصادية داخل الجهة. فالربط السككي السريع من شأنه أن يخلق محيطات اقتصادية جديدة، وأن يخفف الضغط عن مدينة مراكش، التي لطالما كانت المركز الوحيد لاستقطاب الاستثمارات والأنشطة السياحية والتجارية.

البعد الاجتماعي للمشروع لا يقل أهمية، إذ إن آلاف الطلبة والعمال الذين يتنقلون يومياً بين ابن جرير ومراكش سيستفيدون من خدمة منتظمة توفر رحلة كل ثلاثين دقيقة بزمن لا يتجاوز 55 دقيقة. هذه النقلة النوعية ستقلص من الهدر الزمني وتخفف الأعباء المالية المرتبطة بالتنقل، وهو ما سينعكس على جودة الحياة اليومية ويمنح المواطنين فرصاً أفضل في التعليم والعمل والاستقرار.

من زاوية بيئية، يشكل المشروع تجسيداً لالتزام المغرب بخيار النقل الأخضر والمستدام، حيث سيساهم في تقليص انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون والحد من حوادث السير على الطرق الوطنية. لكن التحدي الأكبر يظل مرتبطاً بالحكامة الجيدة، سواء في ما يخص أثمنة التذاكر التي يجب أن تكون في متناول الجميع، أو جودة الخدمات التي ينبغي أن ترقى إلى مستوى انتظارات المواطن.

إن تزامن هذا المشروع مع تمديد خط القطار الفائق السرعة “البراق” نحو مراكش يجعل من المدينة مفترقاً سككياً استراتيجياً على الصعيد الوطني، حيث ستلتقي شبكة القطارات فائقة السرعة بالشبكة الجهوية، مما يعزز موقع مراكش كقطب اقتصادي وسياحي واستثماري بامتياز. وبذلك يتحقق التكامل بين الرؤية الوطنية والجهوية في مجال البنيات التحتية الكبرى.

لقد برهن مجلس جهة مراكش آسفي، برئاسة سمير كودار، من خلال هذا المشروع، على أن التنمية الجهوية لم تعد مجرد شعارات، بل أصبحت واقعاً يتجسد عبر مبادرات ملموسة تروم تحقيق العدالة المجالية وتقليص الفوارق وتعزيز جاذبية الاستثمار. والرهان اليوم هو أن يتحول القطار الجهوي السريع إلى أداة لإعادة توزيع الثروة وخلق فرص جديدة للشباب، وترسيخ اندماج حقيقي بين المدن الكبرى والصاعدة داخل الجهة.

وفي سياق أوسع، فإن المشروع يعكس بوضوح المكانة المتنامية للجهات في إطار ورش الجهوية المتقدمة، إذ يؤكد أن المجالس الجهوية أصبحت فاعلاً مركزياً في بلورة المشاريع الكبرى، ليس فقط عبر التمويل بل أيضاً من خلال رسم التصورات وتحديد الأولويات. وهو ما ينسجم مع الرؤية الملكية الرامية إلى جعل الجهة فضاءً للتخطيط الاستراتيجي والتنمية المتوازنة، ويكرس مبدأ أن المغرب الجديد يتأسس على جهات قوية قادرة على رفع رهانات المستقبل.

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك ايضا ان تقرأ

جلالة الملك يوجه رسالة سامية إلى المجلس العلمي الأعلى بشأن إحياء ذكرى مرور 15 قرنا على ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم

وكالات/ كلامكم وجه أمير المؤمنين، صاحب الجلالة الملك