الأمن المغربي الفرنسي… شراكة استراتيجية في مواجهة التهديدات العابرة للحدود

الأمن المغربي الفرنسي… شراكة استراتيجية في مواجهة التهديدات العابرة للحدود

- ‎فيسياسة, في الواجهة
133
0

هيئة التحرير

جاء لقاء عبد اللطيف حموشي، المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني، مع سيلين بيرتون، المديرة العامة للأمن الداخلي الفرنسي، في سياق إقليمي ودولي متوتر، حيث تتزايد المخاطر الأمنية التي تفرضها بؤر التوتر في الساحل والصحراء، وتتعاظم التهديدات العابرة للحدود المرتبطة بالإرهاب والتجسس والهجرة غير النظامية.

المحادثات التي احتضنتها الرباط لم تكن بروتوكولية بقدر ما عكست إدراكًا متبادلًا بأن أمن المغرب وفرنسا أصبح مترابطًا أكثر من أي وقت مضى، وأن التعاون بين الأجهزة الأمنية في البلدين تجاوز حدود التنسيق الظرفي ليصبح شراكة استراتيجية قائمة على الثقة المتبادلة وتبادل الخبرات والمعطيات.

1. البعد الإقليمي: الساحل والصحراء كمسرح للتهديدات
التأكيد على المخاطر الإرهابية في منطقة الساحل والصحراء يعكس وعيًا بأن هذه المنطقة أصبحت الخزان الأكبر للجماعات المسلحة العابرة للحدود، وأنها تمثل تهديدًا مباشرًا لأمن شمال إفريقيا وأوروبا على حد سواء. المغرب، بخبرته الميدانية في تفكيك الخلايا الإرهابية، وفرنسا، بحضورها العسكري والاستخباراتي في الساحل، يجدان نفسيهما أمام حاجة ملحّة لتوحيد الجهود وتبادل المعلومات.

2. البعد الدولي: من باريس 2024 إلى مونديال 2030
إشادة بيرتون بمساهمة المغرب في تأمين الألعاب الأولمبية بباريس لم تكن مجرد مجاملة دبلوماسية، بل إقرار عملي بقدرة الأجهزة المغربية على لعب دور مركزي في حماية تظاهرات كبرى ذات حساسية أمنية عالية. هذا البعد الدولي يعزز صورة المغرب كشريك موثوق، خصوصًا مع اقتراب استضافة كأس إفريقيا 2025 ومونديال 2030، ما يجعل التعاون مع فرنسا – صاحبة خبرة طويلة في التأمين الدولي – حاجة متبادلة.

3. البعد الاستراتيجي: مواجهة الإرهاب والتجسس معًا
اللافت في اللقاء هو توسيع دائرة النقاش لتشمل مكافحة التجسس الخارجي، وهو مؤشر على انتقال الشراكة إلى مستوى أعلى، حيث لم تعد مقتصرة على مواجهة التهديدات الإرهابية، بل تشمل أيضًا حماية الأمن السيبراني والاستخباراتي. هذا التحول يعكس إدراكًا متزايدًا بأن الحروب الحديثة لم تعد تقتصر على المواجهة الميدانية، بل أصبحت تشمل جبهات رقمية واستخباراتية.

4. البعد السياسي: نموذج للتعاون جنوب–شمال
ما يميز التعاون الأمني المغربي الفرنسي أنه يقدم نموذجًا لما يمكن أن يكون عليه التعاون بين ضفتي المتوسط: شراكة متوازنة تقوم على تقاسم المسؤوليات بدلًا من منطق التبعية. فالمغرب لم يعد مجرد متلقٍ للخبرة الأوروبية، بل أصبح مصدرًا للمعرفة والخبرة الأمنية التي يعترف بها شركاؤه في الشمال.

يمكن القول إن اللقاء بين حموشي وبيرتون لم يكن مجرد محطة دبلوماسية عابرة، بل خطوة إضافية في مسار بناء جبهة أمنية مشتركة مغربية فرنسية لمواجهة تحديات معقدة وعابرة للحدود. هذه الجبهة، إذا ما تعززت بإرادة سياسية صلبة، يمكن أن تتحول إلى رافعة استراتيجية، ليس فقط لأمن البلدين، بل لاستقرار المنطقة المتوسطية برمتها.

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك ايضا ان تقرأ

عاجل. مراكش: انهيار حائط يترك عاملاً محاصراً تحت الأنقاض في باب دكالة !

خديجة العروسي أفادت السلطات المحلية بوقوع انهيار حائط