بن جرير.. وجه أخضر يزدهر وأحياء مهمشة تعيش العطش والفقر

بن جرير.. وجه أخضر يزدهر وأحياء مهمشة تعيش العطش والفقر

- ‎فيفي الواجهة, مجتمع
190
0

هيئة التحرير

تشهد مدينة بن جرير مفارقة صارخة تجعلها تبدو وكأنها تسير بسرعتين متناقضتين. فمن جهة، هناك المدينة الخضراء التي تحتضن جامعة من أرقى الجامعات الوطنية وتتميز ببنيان حديث ومرافق متقدمة تجعلها في مصاف المدن الذكية. ومن جهة أخرى، تقف أحياء مهمشة مثل أحياء إفريقيا والزاوية ودوار اخليفة وأحياء شعبية أخرى غارقة في معاناة يومية مع العطش والفقر والعربات المجرورة وغياب شروط العيش الكريم، في صورة تكشف عمق الفجوة التنموية داخل المجال الترابي نفسه.

هذا الواقع يطرح أسئلة جوهرية حول العدالة المجالية التي شدد عليها الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة عيد العرش، حيث رسم معالم مرحلة جديدة في البناء الوطني تقوم على إعادة ترتيب الأولويات وتعزيز التماسك الوطني. فقد أكد جلالته أن المغرب لا يمكن أن يسير بسرعتين: مركز يتجه بخطى واثقة نحو التحديث والنمو، وهوامش جبلية وقروية وجهوية ما تزال تئن تحت وطأة الهشاشة وضعف البنيات الأساسية.

الخطاب الملكي جاء كدعوة واضحة إلى تعاقد وطني جديد، لا تترك فيه الدولة وحدها في الواجهة، بل يُستدعى فيه الفاعل الاقتصادي الوطني، إلى جانب الأحزاب السياسية والشباب والنساء، من أجل الاضطلاع بدورهم في إنجاح هذا الورش الحيوي. وهنا يبرز ملف بن جرير كحالة نموذجية تعكس الحاجة الملحة إلى هذا التعاقد، حتى لا تبقى المدينة الخضراء “جزيرة متقدمة” وسط محيط اجتماعي يعاني الحرمان.

إن ما دعا إليه جلالة الملك ليس مجرد توزيع للمشاريع هنا وهناك، بل نقلة نوعية في التأهيل المجالي الشامل. التأهيل الذي يعني دمج الجهات والمجالات الترابية في الدينامية الوطنية الكبرى، ليس فقط كمستفيد من الاستثمارات، بل كمحرك للتنمية، عبر تمكينه من الموارد والكفاءات والبنيات التحتية.

في حالة بن جرير، المطلوب ليس بناء مزيد من الصروح الحديثة التي تلمع في الواجهات، بل فتح ورش تنموي حقيقي يستهدف الأحياء الشعبية والمناطق المهمشة، ويضمن لسكانها الحق في الماء الصالح للشرب، والصرف الصحي، والتعليم الجيد، وفرص الشغل الكريم.

OLYMPUS DIGITAL CAMERA

إن خطاب الملك محمد السادس كان بمثابة بوصلة واضحة تضع المجالس المنتخبة أمام مسؤوليتها التاريخية. ففي حالة بن جرير، لا يكفي أن تُشاد المدينة الخضراء كمشروع نموذجي يُعرض في المؤتمرات والمنتديات الدولية، بينما تعيش أحياؤها الشعبية التهميش والفقر. المجالس المحلية والإقليمية مطالبة اليوم بتجسيد روح الخطاب الملكي عبر سياسات عملية تضمن العدالة المجالية، وإلا فإنها ستبقى رهينة منطق “الواجهات” الذي يضر بصورة المغرب قبل أن يضر بساكنة بن جرير. فالملك رسم الطريق، لكن التنفيذ الفعلي مرهون بجرأة المنتخبين وحسن تدبيرهم، حتى تسير بن جرير بسرعة واحدة تُحقق التنمية للجميع، لا لجزء محظوظ من المدينة.

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك ايضا ان تقرأ

أول تأهل للمونديال دون خروج المغاربة للإحتفال .. ماذا تغيّر ؟

طارق اعراب تأهل المنتخب المغربي إلى نهائيات كأس