هيئة التحرير
يستقبل مواطنو جهة مراكش آسفي واليهم الجديد رشيد بن شيخي بكثير من الأمل والتفاؤل، بعد تعيينه خلفا لفريد شوراق الذي ألحق بديوان وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت. هذا التعيين يفتح صفحة جديدة في تاريخ الجهة، التي تحتاج إلى نفس قوي ورؤية متجددة لمواجهة التحديات المتراكمة. وبالنظر إلى المسار المهني الحافل لبن شيخي وتجربته الميدانية الطويلة، فإن الثقة التي وضعتها الدولة فيه ليست عبثية، بل تعبير عن يقين في قدرته على تنزيل سياسة القرب وتفعيل الأوراش الكبرى التي تحتاجها المنطقة.
رشيد بن شيخي ليس غريبا عن الإدارة الترابية، فقد تمرس في تدبير ملفات معقدة وتدبير إقليم ذات خصوصيات مختلفة مثل الحوز، وأبان عن حنكة إدارية وقدرة على الإصغاء والانفتاح على كل الفاعلين. واليوم، يجد نفسه أمام مسؤولية جسيمة على رأس جهة بحجم مراكش آسفي، حيث تتقاطع قضايا السياحة والفلاحة والصناعة التقليدية مع مشاكل البنية التحتية والفقر والهشاشة في القرى والأحياء الشعبية.
الجهة التي تضم مراكش، عاصمة السياحة المغربية، لا تعيش على إيقاع واحد. ففي الوقت الذي تزدهر فيه بعض الأحياء الراقية والمشاريع السياحية الكبرى، تعاني مناطق أخرى من خصاص مهول في الماء الصالح للشرب، ورداءة الطرق، وضعف التجهيزات الصحية والتعليمية. إقليم الحوز مثلا يعرف صعوبات كبيرة في فك العزلة عن عدد من الدواوير الجبلية، بينما إقليم الرحامنة ما زال يصارع تحديات مرتبطة بالبطالة والتنمية الاجتماعية. أما شيشاوة فتعاني من ضعف البنية الصحية، واليوسفية من تراجع أدوارها الاقتصادية بعد تراجع الأنشطة المنجمية. كل هذه التحديات تستدعي تدخلا حاسما يقوده والي الجهة بروح المسؤولية والجرأة في اتخاذ القرار.
انتظارات المواطنين من الوالي الجديد واضحة: معالجة إشكالات العطش خاصة في القرى والمراكز الصغرى، محاربة البناء العشوائي والارتجالية في التعمير، خلق مناخ جاذب للاستثمار لتوفير فرص شغل للشباب، تحسين الخدمات الصحية عبر تعزيز الموارد البشرية والمعدات، وإطلاق مشاريع تنموية تهم الأحياء الشعبية والهامشية التي تعيش على وقع التهميش. كما أن هناك مطالب بإعادة الاعتبار إلى البنيات التحتية الطرقية وتوسيع شبكة النقل العمومي داخل مراكش وخارجها لتشمل الضواحي والجماعات المجاورة.
غير أن التحدي الأكبر يتمثل في تنزيل التوجيهات الملكية التي أكدت على ضرورة العدالة المجالية، لأن المغرب لا يمكن أن يسير بسرعتين: سرعة تنموية في المركز، وبطء ومعاناة في الهوامش. هذا التحدي يضع الوالي رشيد بن شيخي أمام مسؤولية قيادة دينامية جديدة، قوامها إشراك المنتخبين الجادين، والفاعلين الاقتصاديين الوطنيين، والمجتمع المدني النزيه، والشباب والنساء، في صياغة تعاقد تنموي متوازن يجعل من جهة مراكش آسفي محركا فعليا للتنمية الوطنية.
الإشادة بالوالي رشيد بن شيخي في هذه المرحلة ليست مجرد تحية رمزية، بل هي تعبير عن الثقة في رجل دولة أثبت جدارته في مهام سابقة، ويملك من الخبرة والكفاءة ما يؤهله لمواجهة الملفات الصعبة. فالجهة تنتظر الكثير، والمواطنون يتطلعون إلى تحسين أوضاعهم المعيشية، وإلى رؤية ملموسة على أرض الواقع تنعكس على حياتهم اليومية.
إن جهة مراكش آسفي بتاريخها وموقعها الاستراتيجي وثقلها البشري والاقتصادي، تستحق قيادة قوية وواعية بالتحديات، قادرة على صناعة التغيير وإعادة ترتيب الأولويات. ورشيد بن شيخي، بما يحمله من رصيد وتجربة ورؤية، مؤهل ليكون رجل المرحلة، ورمز الأمل في تحقيق قفزة نوعية تعيد للجهة بريقها وتكرس مكانتها كقاطرة حقيقية للتنمية على المستوى الوطني.