ذئاب أمام الأبواب… عندما يتحوّل محيط المدرسة إلى فخ للبراءة

ذئاب أمام الأبواب… عندما يتحوّل محيط المدرسة إلى فخ للبراءة

- ‎فيفي الواجهة, مجتمع
97
التعليقات على ذئاب أمام الأبواب… عندما يتحوّل محيط المدرسة إلى فخ للبراءة مغلقة

رشيد سرحان

مع بداية كل موسم دراسي جديد، تعود مشاهد مألوفة تُثير استياء الأسر المغربية وتؤرق بال الآباء والأمهات: أشخاص غرباء،غالبا فوق دراجات نارية، يتربصون قرب بوابات المؤسسات التعليمية، يتصيدون خطوات الفتيات الخارجات من مدارسهن، يوزّعون نظراتهم المريبة وكلماتهم المعسولة، ويُحاولون استدراج الضحايا بأرقام هواتف أو وعود زائفة. إنّها ظاهرة صادمة باتت تتكرّر بصمت، حتى صارت جرحًا خفيًّا ينزف في محيط المدارس.

خطر يهدد الفضاء التربوي

لا يخفى أنّ المدرسة فضاء للتربية والتعليم، وحاضنة للقيم والأخلاق. غير أنّ وجود هؤلاء “الصيّادين” على عتباتها يحوّلها إلى مسرح للقلق والاضطراب، ويزرع في نفوس التلميذات خوفًا يلازمهن حتى داخل الفصول. أولياء الأمور، بدورهم، يعيشون هاجسًا يوميًا: كيف يتركون بناتهم يدرسن بأمان، وهناك من يتربّص بهن خارج الأسوار؟

لماذا يستمر الصمت؟

المشكلة لا تكمن فقط في سلوك هؤلاء الغرباء، بل في صمتٍ اجتماعي يكتفي بالتنديد العابر دون حلول رادعة. بعض الأسر تفضّل الصبر والكتمان خشية “الفضيحة”، رغم وجود تدابير أمنية ينتظرون انصراف الدوريات في أوقات الذروة على سبيل المثال، لتعود الفوضى بعد ذالك. وهكذا، يبقى الباب مفتوحًا أمام ممارسات تمسّ بسمعة المدرسة وتنسف رسالتها النبيلة.

مسؤولية مشتركة

مواجهة هذه الظاهرة ليست شأنًا أمنيًا فحسب، بل مسؤولية مجتمعية شاملة. من الضروري أن تُسنّ قوانين أكثر صرامة ضد التحرش قرب المؤسسات التعليمية، وأن تُفعّل حملات توعية تشرك الآباء والتلميذات والإدارة التربوية. كما ينبغي التفكير في حلول وقائية، مثل تخصيص فضاءات آمنة لانتظار التلاميذ، لتجفيف منابع الخطر قبل وقوعه.

نداء إلى الضمائر

إنّ ما يحدث أمام المدارس ليس مجرد تصرفات عابرة، بل إنذار صريح يُهدّد أمن التلاميذ وثقة الأسر في منظومتنا التربوية. والسكوت عن “الذئاب البشرية” هو مشاركة غير مباشرة في إطالة عمر الظاهرة. آن الأوان لإعادة النظر، بجدّية وحزم، في كل ما يحيط بالمدرسة من مظاهر سلبية، حتى تظل منارة للعلم لا مرتعًا للخوف.

 

المدرسة هي حصن الطفولة، ومصنع المستقبل، وأيّ تهاون في حمايتها يفتح ثغرة في جدار المجتمع بأسره. حماية الفتيات من التحرش أمام أبواب مؤسساتهن ليست مطلبًا عابرًا، بل واجبًا وطنيًا وأخلاقيًا. وجدير بالذكر أنّ الدخول المدرسي ليس مناسبة لتجديد الدفاتر والحقائب فقط، بل فرصة لتجديد العهد مع قيم الكرامة والأمان، وللتأكيد أن مستقبل الأجيال لا يُبنى في بيئة ملوّثة بالخوف والتهديد.

يمكنك ايضا ان تقرأ

” أتذوق، اسمع، أرى” كتاب جديد لعبد الصمد الكباص حول فلسفة الحواس

كلامكم/مراكش عن محترف أوكسيجين للنشر، صدر للمفكر المغربي